03 فبراير 2023 م
13 رجب 1444 هــ
English
المحــكــمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
أولاً: بالنسبة للطعن المرفوع من الطاعن الرابع «مالك الطراد»:
من حيث إنه من المقرر بنص المادة (155) من قانون المرافعات المدنية والتجارية –وهي من كليات القانون- أنه لا يجوز الطعن فـي الأحكام إلا من المحكوم عليه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفاً فـي الخصومة وصدر الحكم لغير صالحه بصفته التي كان متصفاً بها فـي الدعوى. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن المذكور لم يكن طرفاً فـي الخصـومة فـي كافة مراحلها، ومن ثم فلم يحكم عليه بشيء، فإن طعنه فـي الحكم يكون غير جائز. ولا يغير من ذلك أن يكون صاحب مصلحة فـي الطعن على الحكم، أياً ما كان وجه الرأي فـيه، مادامت لم تتوفر له الصفة التي تكسبه حق الطعن فـي الحكم، والتي تأتي فـي مرحلة سابقة للمصلحة فـي الطعن.
ثانياً: بالنسبة لطعن المرفوع من المحكوم عليهم «الطاعنين الثلاثة الأُول:
من حيث إن الطعن المرفوع من المحكوم عليهم –المذكورين- قد استوفى الشكل المقرر فـي القانون.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فـيه، البطلان والإخلال بحق الدفاع والقصور فـي التسبيب، ذلك بأنهم –الطاعنين- لم يتمكنوا من إبداء دفاعهم أمام محكمة أول درجة ولم تتح لهم المحكمة فرصة توكيل محام لهذا الغرض، وعوَّل الحكم فـي قضائه على شق من اعترافاتهم والتفت عما قرروه من عدم علمهم بالخروج من المياه الدولية ودخولهم المياه الإقليمية للدولة بما من شأنه انتفاء القصد الجنائي لديهم، ولم تعن المحكمة بتحقيق دفاعهم المستند إلى ذلك أو الرد عليه، إلى ذلك فقد أوقع عليهم الحكم أقصى العقوبة المقررة للجريمة، وقضى بمصادرة الطراد كعقوبة تكميلية مع أنه ليس مملوكاً لهم، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.
ومن حيث إنه من المقرر أن العبرة ببطلان الإجراءات هو بما يتم أمام محكمة الدرجة الثانية، وكان الأصل فـي إجراءات المحاكمة أنها قد روعيت، وأنه على صاحب الشأن أن يثبت أنها خولفت، وعليه أن يطلب صراحة إثبات ما يهمه إثباته فـي محضر الجلسة حتى يمكنه فـيما بعد أن يأخذ على المحكمة إغفالها له، لما كان ذلك، وكان الطاعنون لم يسلكوا سبيل الطعن على الإجراءات التي تمت أمام محكمة أول درجة، كما أنهم لم يثيروا أمام المحكمة الاستئنافـية شيئاً بالنسبة لما يزعموه بأسباب طعنهم عن بطلان إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة، ومن ثم فلا يقبل منهم إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة التمييز، ويكون منعاهم فـي هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت العبرة فـي المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته بناءً على الأدلة المطروحة عليه، وله أن يأخـذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ما لم يقيده القانون بدليل معين ينص عليه. وكان الاعتراف فـي المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فـي تقدير حجيته وقوته التدليلية على المعترف، فلها أن تجزئه وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به، دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك. وكانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير الأدلة أفصحت عن اطمئنانها إلى اعترافات المتهمين فـي الشق الخاص منها بتجاوزهم المياه الدولية ودخولهم المياه الإقليمية للدولة، وأطرحت ما قالوه بشأن عدم علمهم بذلك، فإنه لا عليها إن هي قد عولت على ذلك الجانب من الاعتراف الذي اطمأنت إلى صدقه وأطرحت ما عداه، وتساندت إليه بالإضافة إلى الأدلة الأخرى القائمة فـي الدعوى، فإن فـي ذلك ما يكفـي لحمل قضاء الحكم وتصح مع النتيجة التي انتهت إليها بإدانة الطاعنين. ويكون النعي على الحكم فـي هذا الصدد ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم فـي كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل جزئية من جزئيات دفاعه، وكان يبين من الحكم المطعون فـيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، والتي لا تتطلب بالنسبة للركن المعنوي فـيها سوى توافر القصد الجنائي العام، والذي تحقق فـي صورة الواقعة بدخولهم المياه الإقليمية للدولة من غير المنافذ المحددة وبدون جوازات سفر أو حملهم سمات دخول للبلاد، فإن ما يثيره الطاعنون- على النحو المار بأسباب طعنهم- من منازعة فـي توافر القصد الجنائي لا يكون سليماً. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة فـي الحدود المقررة هو ما يدخل فـي سلطة محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، كما هو الحال فـي الدعوى، كما لا يعيب الحكم قضاءه بمصادرة الطراد المضبوط، كعقوبة تكميلية بالنسبة للجريمة التي دان الطاعنين بها، عملاً بالمادتين (65)، (76) من قانون العقوبات، ويكون النعي عليه- فـي شأن من تقدم- غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.