21 مارس 2023 م
29 شعبان 1444 هــ
/
English
التشريعات
عرض التشريعات حسب تاريخ الاصدار
عرض التشريعات حسب المواضيع
عرض التشريعات حسب الجهات المعنية
التشريعات الملغاة
البحث في التشريعات
الاتفاقيات
عرض الاتفاقيات حسب تاريخ الصدور
عرض الاتفاقيات حسب المواضيع
عرض الاتفاقيات حسب المنظمات
عرض الاتفاقيات حسب الدول
البحث في الاتفاقيات
الأحكام
الأحكام
عرض الأحكام حسب تاريخ جلسة الحكم
عرض الأحكام حسب المواضيع
البحث في الأحكام
عرض الاحكام كاملة
فرز بالمحاكم
محكمة التمييز
الدائرة المدنية والتجارية
الاحوال الشخصية والاسرة
الدوائر المجتمعة
المواد الجنائية
الفتاوى
عرض الفتاوى حسب تاريخ الصدور
البحث في الفتاوى والتأديب
المراجع
الشركات
عرض الشركات حسب تاريخ الانشاء
عرض الشركات حسب نشاط الشركة
عرض الشركات حسب المؤسسون
مؤسسات وجمعيات
عرض المؤسسات والجمعيات حسب تاريخ الانشاء
عرض المؤسسات والجمعيات حسب النشاط
عرض المؤسسات والجمعيات حسب المؤسسون
الجريدة الرسمية
المجلة القانونية
صفحتي الشخصية
تسجيل الدخول
سجل المشاهدة
محو السجل
التشريعات
عرض التشريعات حسب تاريخ الاصدار
عرض التشريعات حسب المواضيع
عرض التشريعات حسب الجهات المعنية
التشريعات الملغاة
الاتفاقيات
عرض الاتفاقيات حسب تاريخ الصدور
عرض الاتفاقيات حسب المواضيع
عرض الاتفاقيات حسب المنظمات
عرض الاتفاقيات حسب الدول
الأحكام
الأحكام
عرض الأحكام حسب تاريخ جلسة الحكم
عرض الأحكام حسب المواضيع
عرض الاحكام كاملة
فرز بالمحاكم
محكمة التمييز
الدائرة المدنية والتجارية
الاحوال الشخصية والاسرة
الدوائر المجتمعة
المواد الجنائية
الفتاوى
عرض الفتاوى حسب تاريخ الصدور
المراجع
الشركات
عرض الشركات حسب تاريخ الانشاء
عرض الشركات حسب نشاط الشركة
عرض الشركات حسب المؤسسون
مؤسسات وجمعيات
عرض المؤسسات والجمعيات حسب تاريخ الانشاء
عرض المؤسسات والجمعيات حسب النشاط
عرض المؤسسات والجمعيات حسب المؤسسون
الجريدة الرسمية
صفحتي الشخصية
محو السجل
إستبيان
تنبيه
الصفحة الرئيسية
/
الأحكام
/ محكمة التمييز - المواد الجنائية - رقم: 200 /2016
حجم النص:
/
/
محكمة التمييز - المواد الجنائية - رقم: 200 /2016
بطاقة الحكم:
المحكمة:
محكمة التمييز
الدائرة:
المواد الجنائية
الرقم:
200
السنة:
2016
تاريخ الجلسة:
05/12/2016
هيئة المحكمة :
مبارك بن سليم مبارك - مسعود محمد العامري - يحيى محمود محي الدين - محمد هلالي محمد - سبد حامد معيد -
رؤية
تحميل PDF
تحميل WORD
طباعة
مشاركة
تغريدة
الكل
إنشاء قائمة تشغيل جديدة
إدخال اسم لقائمة التشغيل...
(1) إعدام . محكمة التمييز "وظيفتها فـي شأن أحكام الإعدام" . نيابة عامة.
عرض النيابة العامة القضية المحكوم فيها بالإعدام على محكمة التمييز في الميعاد المحدد قانوناً. أثره : قبول عرض النيابة العامة . علة ذلك ؟ المادة (302) من قانون الإجراءات الجنائية .
(2) قتل عمد .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد .
(3) قتل عمد . جريمة "أركانها" . قصد جنــائــي . محكمــة المــوضـــوع "سلطتها فـي تقدير الدليل".
قصد القتل . أمر خفي . لا يدرك بالحس الظاهر . استخلاص توافره . موكول لقاضي الموضوع . حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل في جريمة قتل عمد .
(4) إثبات "شهود" "خبرة" .
تطابق الدليلين القولي والفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملائمة والتوفيق .
مثال لما لا يعد تناقضاً بين الدليلين القولي والفني .
(5) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي" . محكمة الموضوع "سلطتها فـي تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي" . دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي" .
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . تعلقه بموضوع الدعوى . للمحكمة الفصل فيها بغير معقب . متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها .
الدفاع الشرعي . لم يشرع للانتقام من الغرماء بل لكف الاعتداء .
حالة الدفاع الشرعي . لا تتوافر : متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه .
تجاوز حد الدفاع الشرعي . مقتضاه : ثبوت الحق فيه .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي .
(6) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها فـي تقدير أقوال الشهود" "سلطتها فـي استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" . تمييز " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً.
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة التمييز .
(7) حدود وقصاص . شريعة إسلامية . قتل عمد . نظام عام .
اتفاق أولياء الدم على المطالبة بالقصاص . من شروط استيفائه .
أولياء الدم . هم الورثة الذين يستحقون نصيباً محدداً شرعاً من تركة المقتول عند وجودها. تؤول إليهم جميع الحقوق المترتبة على قتله من المطالبة بالقصاص أو العفو مجاناً أو إلى الدية أو الصلح على مال .
القتل والرق واختلاف الدين . من الموانع الشرعية لاستحقاق التركة .
الإرث في الشريعة الإسلامية . يتملك الوارث بمقتضاه المال وسائر الحقوق جبراً.
شروط إرث الإخوة الأشقاء أو الإخوة من الأب أخاهم المتوفى ؟
أحكام القصاص . تسمو على اعتبارات النظام العام والقوانين الوضعية . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في إرث التركة .
(8) إثبات "شهود" "قرائن" . إعدام . حدود وقصاص . شريعة إسلامية . محكمة الموضوع "سلطتها فـي تقدير الدليل" . محكمة التمييز "وظيفتها فـي شأن أحكام الإعدام" .
شروط إقرار محكمة التمييز للحكم الصادر بالإعدام وفقاً لمفهوم المادة (292) من قانون الإجراءات الجنائية .
عدم توافر الإقرار القضائي من جانب المحكوم عليه . لا يمنع من قتله قصاصاً .
أدلة الإثبات في الشريعة الإسلامية . غير مقصورة في دليل معين .
البينة .اسم لكل ما يبين الحق ويظهره .
البينة في القرآن . لم تأت مراداً بها الشاهدان فقط . إنما أتت مراداً بها الحجة والبرهان . مفردة ومجموعة. الإثبات المطلق في الفقه الإسلامي . ماهيته ؟
اعتماد المحكمة على أي دليل يبين الحق ويظهره . جائز . علة ذلك ؟
القرائن القوية التي تدل دلالة قاطعة على ارتكاب الجريمة من قبل المتهم . تكفي وحدها للحكم على الجاني بالقتل قصاصاً .
________________
1- لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (302) من قانون الإجراءات الجنائية مشفوعة بمذكرة برأيها – في الميعاد المحدد قانوناً– انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه "...." . وكانت محكمة التمييز تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تُضمنه النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله " أن المتهم العامل على كفالة ذات الشركة التي يعمل بها المجني عليه كمسئول له كانت تربطه علاقة حميمة مع المجني عليه وكان معجباً بجماله ويحبه حسبما قرر واعتاد توصيله للأماكن التي يتردد عليها إلا أنه ونتيجة خُلف بينهما تركه المجني عليه وابتعد عنه فما كان من المتهم إلا أن سافر بغضون شهر يونية لبلدته ومعه صورة للمجني عليه وقام باللجوء لبعض السحرة لعمل بعض الطلاسم للأخير - تم ضبطها بحوزة المتهم - ليستمر بعلاقته به ثم عاد للبلاد وبعدها تأكد من أن المجني عليه يحب آخر سواه فأضمر في نفسه وتيقن من ذلك حينما طلب منه المجني عليه توصيله لآخر بمنطقة الصناعية ، وقبل الواقعة بيومين حاول الاتصال مراراً على المجني عليه فلم يرد فما كان من المتهم إلا أن توجه بسيارة الشركة التي يعمل بها مساء يوم الواقعة .... لشارع (....) بالصناعية متربصاً للمجني عليه بالمكان القريب من سكن صديقه الذي أوصله له سلفاً لعدة ساعات وما إن شاهد المجني عليه مترجلاً بمكان أرشد عنه غرب الكسارات حتى اقترب منه بالسيارة طالباً منه ركوبها ففعل المجني عليه وتوجه المتهم بالسيارة مصطحباً المجني عليه لمنطقة مظلمة بذات الشارع - أرشد عنها - وقام بأخذ جوال المجني عليه رغماً عنه وسأله عن سبب عدم الرد عليه وسبب التردد على مسكن الآخر فنهره المجني عليه ، فقام المتهم بلكم المجني عليه في وجهه وصدره وركله وقام بخنقه باستعمال حبل أو ما في حكمه وبيديه مطبقاً بها على عنقه ومستمراً في ذلك لعدة دقائق قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهي حز بالجلد يمين العنق وما يقابله من كدمات بالأنسجة الرخوة والعضلات يمين العنق نشأت عن الضغط بقوة لأداة صلبة ذات طبيعة طولية مرنة مثل الحبل أو ما في حكمه وتهتك بالكبد نشأ عن المصادمة بقوة بأداة صلبة راضة نتيجة الركل وسحجات وكدمات وجروح رضية بالرأس والوجه والأطراف نشأت عن مقاومة المجني عليه وسبب الوفاة الخنق برباط أو اليد ، ولم يتركه إلا بعد أن تيقن من وفاة المجني عليه ، ثم تحرك بالسيارة مصطحباً الأخير لمنطقة برية - أرشد عنها - غرب العزب بالقرب من بوابة الصناعية الجديدة والقاعدة الأمريكية وبعد تأكده من خلوها من المارة ألقى بجثته فيها وانصرف لمكان عمله وبصبيحة اليوم التالي قام برمي جوال المجني عليه بحاوية قمامة - أرشد عنها - بمنطقة الوكرة وعُثر عليه، وحال مرور السائق .... في اليوم التالي عثر على جثة المجني عليه بالمكان الذي تخلص منها المتهم فيه فأبلغ الشرطة التي استدعت المتهم فتوجه إليها وأقر بارتكابه جريمته ". وأضاف الحكم المطعون فيه على لسان المتهم ما مجمله " أن المتهم دفع المجني عليه بيده على خده الأيسر فقام المجني عليه بلكمه على وجهه من اليمين ثم قام المتهم بلكمه عدة لكمات على وجهه وصدره ورأسه فبادله المجني عليه وبعدها قام المتهم بلف يده حول عنقه لمدة ثلاث دقائق حتى تأكد من أنه فارق الحياة " . وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من أقوال ضابط الواقعة والدكتورة .... - استشارية الطب الشرعي - بتحقيقات النيابة العامة ومن أقوال المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة ومن تقرير الطب الشرعي وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلاً وافياً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهم بجريمة القتل العمد .
3- من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه بقوله " ورغم أنه ما يبتدي من خلاف في عبارات المتهم إلا أن الثابت هو أنه أحكم الخناق على المجني عليه سواء كان بلف يده حول عنقه أو كان بالإمساك برقبة المجني عليه بكف يده اليمنى- لافرق- فقد ثبت أنه لم يفك الخناق عن المجني عليه إلا بعد أن تأكد من أنه فارق الحياة - وهذا القدر المعترف به - يثبت أن المتهم كان مريداً إزهاق روح المجني عليه ومدركاً لماهية نشاطه الإجرامي بحيث يصدق معه القول بثبوت الركن المعنوي لجريمة القتل العمد في حقه . ثم القرينة القضائية المستخلصة من دلالة الإصابات التي ورد وصفها بالتقرير الطبي المذكور آنفاً - وهي إصابات بالغة تراوحت بين الحز بالعنق وما يقابله من كدمات بالأنسجة الرخوة والعضلات يمين العنق والتي تنشأ عن الضغط بأداة صلبة ذات طبيعة طولية وذلك التهتك بالكبد نتيجة المصادمة بقوة بأداة صلبة راضة وبقية الإصابات العديدة والكدمات والجروح الرضية بالرأس والوجه نتيجة المصادمة بأداة صلبة راضة كلها كانت في أماكن حساسة من الجسم واستخدم فيها المتهم المستأنف قوة هائلة - أعرب هو نفسه عن مدى قوته البدنية في اعترافه - وبمشاهدته أمام المحكمة يبتدي ضخامة تكوينه البدني- تلك الإصابات في تلك الأمكنة الحساسة والتي حدثت جراء استخدام القوة الهائلة - يسوغ معها استخلاص قرينة قضائية سائغة بأن المتهم المستأنف كان قاصداً إزهاق حياة المجني عليه ". وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم - يكفي في استظهار نية القتل فإن ما يثار من نعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند.
4- من المقرر أنه ليس بلازم قيام التطابق بين الدليلين القولي والفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفاع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني واطرحه تأسيساً على انتفاء التناقض بينهما بقوله " ولايقال ثمة تعارض بين التقرير الطبي وبين اعترافات المتهم المستأنف حيث إن الدكتورة .... - استشارية الطب الشرعي - قد شهدت بمحضر تحقيق النيابة العامة المنظومة في 23/6/2014 قائلة بأن تلك الإصابات ناتجة عن أداة صلبة راضة وأن قبضة اليد تعد أداة صلبة راضة وبأن الإصابات المشاهدة بالعنق خارجياً وداخلياً تشير إلى حدوث ضغط على العنق خاصة من الجانب الأيمن وبأن الضغط باليد على مستوى الرقبة بالشكل الذي ذكره المتهم في أقواله يمكن أن يؤدي إلى خنق المجني عليه ووفاته ونضيف لما سبق بيانه أن تقرير الطب الشرعي قد ورد فيه بأن الحز المشاهد بالجلد يمين العنق ينشأ عن الضغط بقوة بأداة صلبة طولية مرنة مثل الحبل أو ما في حكمه وأن عبارة " أو ما في حكمه " تعتبر عبارة ذات مرونة تدخل الخنق بالكيفية التي اعترف بها المتهم ومن ثم فلا تناقض بين الدليل القولي والدليل الفني " . وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في اطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون ولا محل لها .
5- لما كان الحكم المطعون فيه عرض للدفع بتوافر حق الدفاع الشرعي بعد أن أورد تقريراً قانونياً اطرحه بقوله " لم يكن ثمة خطر حال أو وشيك الحدوث على المتهم بل أن المتهم هو الذي سعى حثيثاً باحثاً عن المجني عليه متربصاً به عدة ساعات ثم قام باصطحابه إلى ذلك المكان المظلم من الشارع المذكور آنفاً قاصداً إزهاق روحه وهناك انتزع الهاتف من يد المجني عليه وسأله عن سبب ذهابه إلى ذلك المنزل فلما أجاب المجني عليه بأنه حر في الذهاب إلى حيث شاء قام بالاعتداء عليه على خده ثم لما حاول المجني عليه الدفاع عن نفسه انقض عليه المتهم ضرباً على الرأس والوجه والصدر ثم أحكم قبضته بالخنق على المجني عليه حتى خارت قواه وفارقت روحه الحياة فلم يكن هناك ثمة عدوان يشكل خطراً حالاً وشيكاً على المتهم الأمر الذي تنتفي معه توفر حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم المستأنف علماً بأن المستأنف نفسه قد اتفقت إفادته واعترافاته بشأن أنه هو الذي بادر بدفع المجني عليه بيده على خده الأيسر وقد حشر المتهم في اعترافه عبارات للإيهام بأن المجني عليه قد بادله الضرب .... وأن المتهم مرة يقول بأن المجني عليه ضربه على وجهه ومرة يقول بأنه ضربه على كتفه وهذا التناقض يدل على أن المتهم قد حشر أمر ضرب المجني عليه له حشراً دون أن يكون له حدوث في واقع الأمر وبفرض حدوثه فالثابت أن ذلك لم يكن يشكل خطراً على المتهم خاصة وهو قد أقر بأنه أكثر قوة من المجني عليه الذي لا يستطيع مثله الفكاك من قبضته ثم أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع بحال من الأحوال للانتقام بتلك الصورة وبناء عليه ينتفي الدفع بممارسة حق الدفاع الشرعي " . وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ، ذلك أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقاً بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها - كما هو الحال في الدعوى - وأن الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام من الغرماء بل لكف الاعتداء وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه ، وغني عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق فيه ومن ثم يكون الدفع في هذا الخصوص علي غير أساس .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد بينت في حكمها وقائع الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من أن للواقعة صورة أخرى أو أنها مجرد ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب وهو مالايجوز إثارته أمام محكمة التمييز .
7- لما كانت محكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام وبإجماع الآراء بإعدام المتهم قصاصاً رمياً بالرصاص وإرجاء التنفيذ لحين بلوغ القاصر وإعلان رغبته في القصاص ويبقى الباب مشرعاً لأولياء الدم في العفو أو الدية إن رغبوا. استأنف ومحكمة الاستئناف قضت حضورياً بإجماع الآراء بقبول عرض النيابة العامة واستئناف المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بتأييد حكم الإعدام قصاصاً رمياً بالرصاص وإلغاء قيد إرجاء التنفيذ وأمرت بتنفيذ الإعدام. وكان من المقرر أن من شروط استيفاء القصاص أن يتفق أولياء الدم على المطالبة به ، وأولياء الدم هم الورثة الذين يستحقون نصيباً محدداً شرعاً من تركة المقتول عند وجودها . ومن ثم تؤول إليهم جميع الحقوق المترتبة على قتله من المطالبة بالقصاص أو العفو مجاناً أو إلى الدية أو الصلح على مال ، وقد جاء في القرآن الكريم بيان المستحقين لتركة الميت التي لايمنعهم منها أحد إلا الموانع الشرعية وهي القتل والرق واختلاف الدين - وليس منها شيء متوفر في ورثة المقتول - فالإرث في الشريعة الإسلامية يتملك الوارث المال وسائر الحقوق جبراً ، وعليه فإن الإخوة الأشقاء أو الإخوة من الأب يرثون أخاهم المتوفى بشرطين: الأول: أن لا يكون للمتوفى ولد ذكر سواء ابن أو ابن ابن وإن نزل ، فإن كان للمتوفى ولد ذكر لم يرث إخوته من ميراثه شيئاً . الثاني: أن لا يكون للمتوفى أب حي عند موته ، فإن وجد أب فإن الإخوة لا يرثون من تركة أخيهم شيئاً عند وجود أبيهم. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأعمل صحيح الشريعة الإسلامية وطبقها تطبيقاً صحيحاً فإن النعي عليه في هذا المقام يكون غير سديد ، ولايقدح في ذلك أو ينال من سلامة الحكم ورود الأخوة ضمن الورثة في وثيقة أصحاب الحق الشرعيين . لأن ذلك كان من أجل بيان حجب الأم حجب نقصان من الثلث إلى السدس ولا يرث الإخوة الأشقاء أو لأب في هذه الحال شيئاً من تركة أخيهم لحجبهم بالأب لقوله تعالى ? فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ? سورة النساء الآية (11) . لما كان ذلك، وكانت أحكام القصاص من الأحكام الشرعية الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله وهي تسمو على اعتبارات النظام العام والقوانين الوضعية ومن ثم فإن النعي بأن الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن يكون غير سليم .
8- لما كان يبين إعمالاً لنص المادة (292) من قانون الإجراءات الجنائية أن الحكم المطعون فيه انتهى صائباً إنفاذاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء وعملاً بالمادة الأولى من قانون العقوبات - بإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه - الطاعن - قصاصا رمياً بالرصاص وقد صدر بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دانه بالإعدام عنها وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير مما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن المحكوم بإعدامه ومن ثم يتعين إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه - الطاعن - ... - قصاصاً ، ولا يغير من ذلك عدم توافر الإقرار القضائي من جانب المحكوم عليه ذلك أن أدلة الإثبات في الشريعة الإسلامية لاتنحصر في دليل معين لأن البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ولم تأت البينة في القرآن مراداً بها الشاهدان فقط وإنما أتت مراداً بها الحجة والبرهان مفردة ومجموعة فالإثبات المطلق في الفقه الإسلامي هو مذهب مجموعة من الأئمة الذين ألفوا في طرق الإثبات في الشريعة الإسلامية وهم ابن تيمية وابن القيم وابن فرحون وابن الغرس وهذا يتفق مع ظروف هذا العصر الذي تنوعت فيه أساليب الإجرام ووسائله فكثير من المجرمين يقترفون جرائمهم بعيداً عن أعين الناس كي لا يتم اكتشافهم وضبطهم من الجهات المختصة ولكي لا يشهد أحد علي فعلهم وإذا تم ضبطهم فإنهم لا يعترفون في الغالب لذلك يجوز للمحكمة الاعتماد علي أي دليل يبين الحق ويظهره فالقرائن القوية التي تدل دلالة قاطعة علي ارتكاب الجريمة من قبل المتهم تكفي وحدها للحكم علي الجاني بالقتل قصاصاً .
________________
الوقـــائــــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل المجني عليه عمداً بأن وجه إليه عدة لكمات ثم قام بخنقه على مستوى عنقه باستعمال كف وساعد يده إلى أن تأكد أنه فارق الحياة وتخلص من الجثة برميها في منطقة برية قاصداً من ذلك قتله على النحو المبين بتقرير الطب الشرعي. وطلبت عقابه بالمادتين (1/2،1) ، (302) من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام وبإجماع الآراء بإعدام المتهم قصاصاً رمياً بالرصاص وإرجاء التنفيذ لحين بلوغ القاصر وإعلان رغبته في القصاص ويبقى الباب مشرعاً لأولياء الدم في العفو أو الدية إن رغبوا. استأنف ومحكمة الاستئناف قضت حضورياً بإجماع الآراء بقبول عرض النيابة العامة واستئناف المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بتأييد حكم الإعدام قصاصاً رمياً بالرصاص وإلغاء قيد إرجاء التنفيذ وأمرت بتنفيذ الإعدام.
فطعن الأستاذ/.... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق التمييز. كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي.
________________
المحكمـــة
حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (302) من قانون الإجراءات الجنائية مشفوعة بمذكرة برأيها – في الميعاد المحدد قانوناً– انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه "...." . وكانت محكمة التمييز تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تُضمنه النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه قضى بإلغاء حكم أول درجة في خصوص إرجاء تنفيذ القصاص في حين أن الطاعن وحده هو الذي استأنف الحكم دون النيابة العامة فأضر بذلك الطاعن بطعنه ، وانتهى إلى أن أشقاء المجني عليه ليسوا من بين الورثة رغم مخالفة ذلك لإعلام الوراثة المقدم من والد المجني عليه ، وتساند إلى شهادة ضابط الواقعة رغم بطلان شهادته لكونها استنتاجية في خصوص نية القتل ، واعتمد على اعتراف الطاعن رغم بطلان ذلك الاعتراف لتناقضه مع الدليل الفني ذلك أن تقرير الطب الشرعي وأقوال الدكتورة .... قد جرا على أن سبب الوفاة هو الخنق برباط وأن إصابات المجني عليه لم تحدث كلها داخل السيارة في حين أن الطاعن اعترف أنه اعتدى على المجني عليه بالضرب داخل السيارة ثم قام بخنقه بيده وألقاه خارج السيارة وهو يؤكد أن للواقعة صورة أخرى لم تفصح عنها الأوراق هي أن الطاعن بعد أن ألقى المجني عليه خارج السيارة وهو في حالة غيبوبة جاء شخص آخر وقام بخنقه برباط، وساءله عن الجريمة رغم انتفاء نية القتل لديه وعدم قيام أي دليل عليها في الأوراق بدلالة أقواله أمام النيابة العامة من أنه كان يدافع عن نفسه ، ودانه بجريمة القتل العمد في حين أن حقيقة الواقعة هي الضرب المفضي إلى الموت بدليل أن أقوال الطاعن - وهي الدليل الوحيد في الأوراق - قد جرت على أن المجني عليه هو البادئ بالعدوان مما حدا بالطاعن بالدفاع عن نفسه فبات في حالة دفاع شرعي عن النفس وعلى فرض تجاوزه وانتفاء نية القتل فإنه كان يتعين على المحكمة تعديل وصف التهمة إلى الضرب المفضي إلى الموت كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله " أن المتهم العامل على كفالة ذات الشركة التي يعمل بها المجني عليه كمسئول له كانت تربطه علاقة حميمة مع المجني عليه وكان معجباً بجماله ويحبه حسبما قرر واعتاد توصيله للأماكن التي يتردد عليها إلا أنه ونتيجة خُلف بينهما تركه المجني عليه وابتعد عنه فما كان من المتهم إلا أن سافر بغضون شهر يونية لبلدته ومعه صورة للمجني عليه وقام باللجوء لبعض السحرة لعمل بعض الطلاسم للأخير - تم ضبطها بحوزة المتهم ـ ليستمر بعلاقته به ثم عاد للبلاد وبعدها تأكد من أن المجني عليه يحب آخر سواه فأضمر في نفسه وتيقن من ذلك حينما طلب منه المجني عليه توصيله لآخر بمنطقة الصناعية ، وقبل الواقعة بيومين حاول الاتصال مراراً على المجني عليه فلم يرد فما كان من المتهم إلا أن توجه بسيارة الشركة التي يعمل بها مساء يوم الواقعة .... لشارع (....) بالصناعية متربصاً للمجني عليه بالمكان القريب من سكن صديقه الذي أوصله له سلفاً لعدة ساعات وما إن شاهد المجني عليه مترجلاً بمكان أرشد عنه غرب الكسارات حتى اقترب منه بالسيارة طالباً منه ركوبها ففعل المجني عليه وتوجه المتهم بالسيارة مصطحباً المجني عليه لمنطقة مظلمة بذات الشارع - أرشد عنها - وقام بأخذ جوال المجني عليه رغماً عنه وسأله عن سبب عدم الرد عليه وسبب التردد على مسكن الآخر فنهره المجني عليه ، فقام المتهم بلكم المجني عليه في وجهه وصدره وركله وقام بخنقه باستعمال حبل أو ما في حكمه وبيديه مطبقاً بها على عنقه ومستمراً في ذلك لعدة دقائق قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهي حز بالجلد يمين العنق وما يقابله من كدمات بالأنسجة الرخوة والعضلات يمين العنق نشأت عن الضغط بقوة لأداة صلبة ذات طبيعة طولية مرنة مثل الحبل أو ما في حكمه وتهتك بالكبد نشأ عن المصادمة بقوة بأداة صلبة راضة نتيجة الركل وسحجات وكدمات وجروح رضية بالرأس والوجه والأطراف نشأت عن مقاومة المجني عليه وسبب الوفاة الخنق برباط أو اليد ، ولم يتركه إلا بعد أن تيقن من وفاة المجني عليه ، ثم تحرك بالسيارة مصطحباً الأخير لمنطقة برية - أرشد عنها - غرب العزب بالقرب من بوابة الصناعية الجديدة والقاعدة الأمريكية وبعد تأكده من خلوها من المارة ألقى بجثته فيها وانصرف لمكان عمله وبصبيحة اليوم التالي قام برمي جوال المجني عليه بحاوية قمامة - أرشد عنها - بمنطقة الوكرة وعُثر عليه ، وحال مرور السائق .... في اليوم التالي عثر على جثة المجني عليه بالمكان الذي تخلص منها المتهم فيه فأبلغ الشرطة التي استدعت المتهم فتوجه إليها وأقر بارتكابه جريمته ". وأضاف الحكم المطعون فيه على لسان المتهم ما مجمله " أن المتهم دفع المجني عليه بيده على خده الأيسر فقام المجني عليه بلكمه على وجهه من اليمين ثم قام المتهم بلكمه عدة لكمات على وجهه وصدره ورأسه فبادله المجني عليه وبعدها قام المتهم بلف يده حول عنقه لمدة ثلاث دقائق حتى تأكد من أنه فارق الحياة " . وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من أقوال ضابط الواقعة والدكتورة....- استشارية الطب الشرعي - بتحقيقات النيابة العامة ومن أقوال المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة ومن تقرير الطب الشرعي وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلاً وافياً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهم بجريمة القتل العمد . لماكان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه بقوله " ورغم أنه ما يبتدي من خلاف في عبارات المتهم إلا أن الثابت هو أنه أحكم الخناق على المجني عليه سواء كان بلف يده حول عنقه أو كان بالإمساك برقبة المجني عليه بكف يده اليمنى - لا فرق - فقد ثبت أنه لم يفك الخناق عن المجني عليه إلا بعد أن تأكد من أنه فارق الحياة - وهذا القدر المعترف به - يثبت أن المتهم كان مريداً إزهاق روح المجني عليه ومدركاً لماهية نشاطه الإجرامي بحيث يصدق معه القول بثبوت الركن المعنوي لجريمة القتل العمد في حقه . ثم القرينة القضائية المستخلصة من دلالة الإصابات التي ورد وصفها بالتقرير الطبي المذكور آنفاً- وهي إصابات بالغة تراوحت بين الحز بالعنق وما يقابله من كدمات بالأنسجة الرخوة والعضلات يمين العنق والتي تنشأ عن الضغط بأداة صلبة ذات طبيعة طولية وذلك التهتك بالكبد نتيجة المصادمة بقوة بأداة صلبة راضة وبقية الإصابات العديدة والكدمات والجروح الرضية بالرأس والوجه نتيجة المصادمة بأداة صلبة راضة كلها كانت في أماكن حساسة من الجسم واستخدم فيها المتهم المستأنف قوة هائلة - أعرب هو نفسه عن مدى قوته البدنية في اعترافه - وبمشاهدته أمام المحكمة يبتدي ضخامة تكوينه البدني- تلك الإصابات في تلك الأمكنة الحساسة والتي حدثت جراء استخدام القوة الهائلة - يسوغ معها استخلاص قرينة قضائية سائغة بأن المتهم المستأنف كان قاصداً إزهاق حياة المجني عليه ". وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم- يكفي في استظهار نية القتل فإن ما يثار من نعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم قيام التطابق بين الدليلين القولي والفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفاع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني واطرحه تأسيساً على انتفاء التناقض بينهما بقوله " ولايقال ثمة تعارض بين التقرير الطبي وبين اعترافات المتهم المستأنف حيث إن الدكتورة....- استشارية الطب الشرعي - قد شهدت بمحضر تحقيق النيابة العامة المنظومة في 23/6/2014 قائلة بأن تلك الإصابات ناتجة عن أداة صلبة راضة وأن قبضة اليد تعد أداة صلبة راضة وبأن الإصابات المشاهدة بالعنق خارجياً وداخلياً تشير إلى حدوث ضغط على العنق خاصة من الجانب الأيمن وبأن الضغط باليد على مستوى الرقبة بالشكل الذي ذكره المتهم في أقواله يمكن أن يؤدي إلى خنق المجني عليه ووفاته ونضيف لما سبق بيانه أن تقرير الطب الشرعي قد ورد فيه بأن الحز المشاهد بالجلد يمين العنق ينشأ عن الضغط بقوة بأداة صلبة طولية مرنة مثل الحبل أو ما في حكمه وأن عبارة " أو ما في حكمه " تعتبر عبارة ذات مرونة تدخل الخنق بالكيفية التي اعترف بها المتهم ومن ثم فلا تناقض بين الدليل القولي والدليل الفني " . وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في اطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون ولا محل لها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه عرض للدفع بتوافر حق الدفاع الشرعي بعد أن أورد تقريراً قانونياً اطرحه بقوله " لم يكن ثمة خطر حال أو وشيك الحدوث على المتهم بل أن المتهم هو الذي سعى حثيثاً باحثاً عن المجني عليه متربصاً به عدة ساعات ثم قام باصطحابه إلى ذلك المكان المظلم من الشارع المذكور آنفاً قاصداً إزهاق روحه وهناك انتزع الهاتف من يد المجني عليه وسأله عن سبب ذهابه إلى ذلك المنزل فلما أجاب المجني عليه بأنه حر في الذهاب إلى حيث شاء قام بالاعتداء عليه على خده ثم لما حاول المجني عليه الدفاع عن نفسه انقض عليه المتهم ضرباً على الرأس والوجه والصدر ثم أحكم قبضته بالخنق على المجني عليه حتى خارت قواه وفارقت روحه الحياة فلم يكن هناك ثمة عدوان يشكل خطراً حالاً وشيكاً على المتهم الأمر الذي تنتفي معه توفر حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم المستأنف علماً بأن المستأنف نفسه قد اتفقت إفادته واعترافاته بشأن أنه هو الذي بادر بدفع المجني عليه بيده على خده الأيسر وقد حشر المتهم في اعترافه عبارات للإيهام بأن المجني عليه قد بادله الضرب .... وأن المتهم مرة يقول بأن المجني عليه ضربه على وجهه ومرة يقول بأنه ضربه على كتفه وهذا التناقض يدل على أن المتهم قد حشر أمر ضرب المجني عليه له حشراً دون أن يكون له حدوث في واقع الأمر وبفرض حدوثه فالثابت أن ذلك لم يكن يشكل خطراً على المتهم خاصة وهو قد أقر بأنه أكثر قوة من المجني عليه الذي لا يستطيع مثله الفكاك من قبضته ثم أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع بحال من الأحوال للانتقام بتلك الصورة وبناء عليه ينتفي الدفع بممارسة حق الدفاع الشرعي " . وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ماانتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ، ذلك أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقاً بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها- كما هو الحال في الدعوى - وأن الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام من الغرماء بل لكف الاعتداء وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه ، وغني عن البيان أنه لاحديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق فيه ومن ثم يكون الدفع في هذا الخصوص علي غير أساس . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح مايخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولماكانت المحكمة قد بينت في حكمها وقائع الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من أن للواقعة صورة أخرى أو أنها مجرد ضرب أفضى إلى موت لايعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كماارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك ، وكان من شروط استيفاء القصاص أن يتفق أولياء الدم على المطالبة به، وأولياء الدم هم الورثة الذين يستحقون نصيباً محدداً شرعاً من تركة المقتول عند وجودها. ومن ثم تؤول إليهم جميع الحقوق المترتبة على قتله من المطالبة بالقصاص أو العفو مجاناً أو إلى الدية أو الصلح على مال ، وقد جاء في القرآن الكريم بيان المستحقين لتركة الميت التي لا يمنعهم منها أحد إلا الموانع الشرعية وهي القتل والرق واختلاف الدين- وليس منها شيء متوفر في ورثة المقتول ـ فالإرث في الشريعة الإسلامية يتملك الوارث المال وسائر الحقوق جبراً ، وعليه فإن الإخوة الأشقاء أو الإخوة من الأب يرثون أخاهم المتوفى بشرطين: الأول: أن لا يكون للمتوفى ولد ذكر سواء ابن أو ابن ابن وإن نزل ، فإن كان للمتوفى ولد ذكر لم يرث إخوته من ميراثه شيئاً . الثاني: أن لا يكون للمتوفى أب حي عند موته ، فإن وجد أب فإن الإخوة لا يرثون من تركة أخيهم شيئاً عند وجود أبيهم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأعمل صحيح الشريعة الإسلامية وطبقها تطبيقاً صحيحاً فإن النعي عليه في هذا المقام يكون غير سديد ، ولا يقدح في ذلك أو ينال من سلامة الحكم ورود الأخوة ضمن الورثة في وثيقة أصحاب الحق الشرعيين . لأن ذلك كان من أجل بيان حجب الأم حجب نقصان من الثلث إلى السدس ولا يرث الإخوة الأشقاء أو لأب في هذه الحال شيئاً من تركة أخيهم لحجبهم بالأب لقوله تعالى ? فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ? سورة النساء الآية(11) . لما كان ذلك ، وكانت أحكام القصاص من الأحكام الشرعية الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله وهي تسمو على اعتبارات النظام العام والقوانين الوضعية ومن ثم فإن النعي بأن الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن يكون غير سليم . لما كان ذلك ، وكان يبين إعمالاً لنص المادة (292) من قانون الإجراءات الجنائية أن الحكم المطعون فيه انتهى صائباً إنفاذاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء وعملاً بالمادة الأولى من قانون العقوبات - بإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه - الطاعن - قصاصا رمياً بالرصاص وقد صدر بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دانه بالإعدام عنها وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير مما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن المحكوم بإعدامه ومن ثم يتعين إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه - الطاعن - ... - قصاصاً ، ولا يغير من ذلك عدم توافر الإقرار القضائي من جانب المحكوم عليه ذلك أن أدلة الإثبات في الشريعة الإسلامية لا تنحصر في دليل معين لأن البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ولم تأت البينة في القرآن مراداً بها الشاهدان فقط وإنما أتت مراداً بها الحجة والبرهان مفردة ومجموعة فالإثبات المطلق في الفقه الإسلامي هو مذهب مجموعة من الأئمة الذين ألفوا في طرق الإثبات في الشريعة الإسلامية وهم ابن تيمية وابن القيم وابن فرحون وابن الغرس وهذا يتفق مع ظروف هذا العصر الذي تنوعت فيه أساليب الإجرام ووسائله فكثير من المجرمين يقترفون جرائمهم بعيداً عن أعين الناس كي لايتم اكتشافهم وضبطهم من الجهات المختصة ولكي لايشهد أحد علي فعلهم وإذا تم ضبطهم فإنهم لا يعترفون في الغالب لذلك يجوز للمحكمة الاعتماد علي أي دليل يبين الحق ويظهره فالقرائن القوية التي تدل دلالة قاطعة علي ارتكاب الجريمة من قبل المتهم تكفي وحدها للحكم علي الجاني بالقتل قصاصاً .لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
________________
*
مشاركة
مشاركات الزوار
الإسم
الهاتف
البريد الالكتروني
التعليق
ان هذه المشاركات لن تظهر الا لادارة الموقع
×
Login with Facebook
Login with Google