17 أغسطس 2022 م
20 محرم 1444 هــ
English
جلسة 26 ديسمبر سنة 2006
الطعن رقم 96 لسنة 2006 تمييز مدني
(1-2-3-) محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير عمل الخبير واستظهار وجه الحق فى الدعوى ". مسئولية " المسئولية التقصيرية : مسئولية الطبيب " " علاقة السببية " . تمييز " أسباب الطعن : السبب غير المنتج "
تقدير عمل أهل الخبرة وسلطة الترجيح بين البيانات واستظهار حقيقة الواقع ووجه الحق فى الدعوى . موضوعى . حد ذلك ؟
الأصل عدم قيام مسئولية الطبيب على الالتزام بتحقيق غاية وهى شفاء المريض. التزام الطبيب ببذل العناية الصادقة فى سبيل شفائه . مناط ذلك؟
رابطة السببية فى المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر .
الاستطراد الزائد عن حاجة الدعوى والذى يقوم الحكم بدونه غير منتج .
(4)إثبات " طرق الإثبات : استجواب الخصوم " . محكمة الموضوع " سلطتها فى استجواب الخصوم "
استجواب الخصوم طريق من طرق تحقيق الدعوى لتمكين المحكمة من تلمس الحقيقة الموصلة لإثبات وجه الحق فيها . حق المحكمة فى مناقشة الخصوم وسؤالهم غيرمقيد بقيد . حد ذلك ؟
____________________
1- أن تقدير عمل أهل الخبرة وسلطة الترجيح بين البينات واستظهار حقيقة الواقع ووجه الحق في الدعوى هو مما يستقل به قاضي الموضوع طالما لم يخرج عن مدلولها .
2- مسئولية الطبيب، ولئن كانت لا تقوم في الأصل على أنه ملتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض، إلا أنه يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه، والمناط في ذلك ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علما ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله، مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة ، وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها .
3- لما كانت رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، وكان الخطأ الذي أثبته الحكم في حق الطاعن الثاني مما تقدم بيانه كافياً لإحداث النتيجة الضارة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى التي نسبها الحكم إليه، فإن نسبة تلك الأخطاء إليه – وأياً كان وجه الرأي فيها يكون مجرد استطراد زائد عن حاجة الدعوى يقوم الحكم بدونه ويكون النعي عليه في خصوصها غير منتج .
4- أن استجواب الخصوم هو طريق من طرق تحقيق الدعوى تستهدف به المحكمة تمكينها من تلمس الحقيقة الموصلة لإثبات وجه الحق فيها وعلى ذلك فإن حق المحكمة في مناقشة الخصوم وسؤالهم غير مقيد بقيد ما، فطالما توافر لها من المناقشة ما ترى كفايته لاستجلاء الحقيقة وما يكشف عن العناصر الكافية لتكوين رأيها فلا تثريب عليها إن هي اكتفت بما تم من مناقشات دون التزام عليها بإجراء المزيد مما لا ترى لزوماً له .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.ومن حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده بصفته ولياً طبيعياً على ابنته ..... أقام الدعوى رقم 378/2004 كلي على الطاعنين طالباً إلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليه خمسة ملايين ريال تعويضاً عما لحق بابنته من أضرار نجمت عن عملية جراحية أجراها لها الطاعن الثاني – الذي يعمل لدى الطاعنة الأولى – وتخلف عنها عاهة مستديمة أصابتها. ندبت المحكمة لجنة من الخبراء وبعد أن قدمت تقريرها استجوبت الخصوم ثم حكمت بإلزام الطاعنين بأن يدفعا إلى المطعون ضده على سبيل التضامن فيما بينهما خمسمائة ألف ريال. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 192/2006 وبتاريخ 28/6/2006 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره.ومن حيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم نسب إلى الطاعن الثاني أنه أجرى العملية لابنة المطعون ضده رغم أن حالتها المرضية لم تكن تستدعي إجراءها وأنه لم يطلع أهلها على آثارها ومضاعفاتها المحتملة فضلاً عن أنه أعطب أثناء إجرائها الليفة الحيوية الوحيدة في قلب المريضة، وهو ما لا يدخل ضمن احتمالات أو مضاعفات الجراحة وإنما نتج عن خطأ مباشر منه، وكل ذلك لم يرد ذكره في تقرير الخبرة بل ويتناقض مع ما ورد به، إذ أثبت التقرير أن ما أصاب المريضة مما تقدم بيانه هو أحد المضاعفات الطبية المحتملة للعملية، التي أجريت لها ويدخل ضمن مخاطرها، كما أن الثابت من الورقة التي وقعت عليها والدة المريضة ووافقت فيها على إجراء العملية لابنتها، أن الطاعن الثاني قد أحاطها علماً بطبيعتها ومخاطرها، هذا إلى أن الحكم قد انتهى إلى مسئولية الطاعن الثاني على الرغم من أن تقرير الخبراء قطع بأنه بذل العناية اللازمة في تشخيص الحالة المرضية لابنة المطعون ضده وأن العمل الجراحي الذي قام به تم على أسس علمية سليمة واتبعت فيه الطرق المتعارف عليها طبياً ،وأن ما نتج عن العملية تم علاجه العلاج الأمثل، وهو ما يكفي لنفي مسئوليته إذ لا يسأل الطبيب عن نتيجة عمله طالما بذل العناية الكافية، وكل ما تقدم يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.ومن حيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن تقدير عمل أهل الخبرة وسلطة الترجيح بين البينات واستظهار حقيقة الواقع ووجه الحق في الدعوى هو مما يستقل به قاضي الموضوع طالما لم يخرج عن مدلولها، وإذ أقام الحكم المطعون فيه مسئولية الطاعن الثاني بصفته طبيباً، على ما استخلصه من تقرير الخبراء المعينين في الدعوى من أن الحالة المرضية لابنة المطعون ضده لم تكن تستلزم إجراء العملية التي أجراها لها ، وأنه أجراها دون أن يبصر ذويها بطبيعتها ومخاطرها، وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه هو استخلاص سائغ له أصله الثابت في تقرير الخبرة وتحتمله عباراته، فإن النعي عليه بأنه خالف الثابت بالأوراق واستخلص من التقرير ما لا يتفق مع ما ورد به، وأن الإقرار الموقع من والدة المريضة وما تضمنته صحيفة افتتاح الدعوى يقطع بأن الطاعن الثاني قام بواجبه في تبصرة ذوي المريضة بمخاطر العملية قبل إجرائها يكون محض جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.لما كان ذلك وكانت مسئولية الطبيب، ولئن كانت لا تقوم في الأصل على أنه ملتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض، إلا أنه يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه، والمناط في ذلك ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علما ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله، مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة ، وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها وكان الحكم المطعون فيه قد آخذ الطاعن الثاني بالخطأ في إجراء العملية للمريضة، وهي في غير حاجة إليها ودون أن يبصر أهلها بطبيعتها ومخاطرها، وكان انحراف الطاعن المذكور عن أداء واجبه وإخلاله بالتزامه المحدد على ذلك النحو يصدق عليه وصف الخطأ كما هو معرف به في القانون بما يستوجب مسئوليته عن الضرر الذي لحق بالمريضة مادام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي إلى ارتباطه بالضرر ارتباط السبب بالمسبب، وكان هذا الخطأ لا يدرأه ادعاء الطبيب أنه اتبع في إجراء العملية ما تقضي به الأصول الفنية وأن ما نتج عنها هو مجرد مضاعفة طبية محتملة الحصول ، إذ لا يصلح ذلك لنفي مسئوليته ما دامت الحالة الصحية للمريضة – على وجه ما أثبته الحكم – لم تكن بداءة وأصلاً تقتضي تلك العملية وما دام – قد قعد عن تنبيه أهلها إلى حقيقتها وما يمكن أن يترتب عليها من مضاعفات، متى كان ذلك فإن الحكم في وصفه لخطأ الطاعن الثاني يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس. وإذ أثبت الحكم أن الخطأ الذي قارفه الطبيب نتج عنه إصابة المريضة بعجز دائم في كفاءة القلب تصل نسبته إلى 67% - مما لم يكن محلاً لنعي – وكانت رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، وكان الخطأ الذي أثبته الحكم في حق الطاعن الثاني مما تقدم بيانه كافياً لإحداث النتيجة الضارة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى التي نسبها الحكم إليه، فإن نسبة تلك الأخطاء إليه – وأياً كان وجه الرأي فيها يكون مجرد استطراد زائد عن حاجة الدعوى يقوم الحكم بدونه ويكون النعي عليه في خصوصها غير منتج ولا جدوى منه ومن ثم غير مقبول.ومن حيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه رد بما لا يصلح رداً على الدفع الذي أبدياه أمام محكمة الموضوع ببطلان الاستجواب الذي أجرته محكمة أول درجة لعدم مواجهة والدة المريضة بالورقة التي وقعت عليها قبل إجراء العملية لابنتها ولعدم مناقشة الطاعن الثاني للوقوف منه على ما قام به في سبيل إحاطة أهل المريضة بطبيعة العملية ومضاعفاتها مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.ومن حيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن استجواب الخصوم هو طريق من طرق تحقيق الدعوى تستهدف به المحكمة تمكينها من تلمس الحقيقة الموصلة لإثبات وجه الحق فيها وعلى ذلك فإن حق المحكمة في مناقشة الخصوم وسؤالهم غير مقيد بقيد ما، فطالما توافر لها من المناقشة ما ترى كفايته لاستجلاء الحقيقة وما يكشف عن العناصر الكافية لتكوين رأيها فلا تثريب عليها إن هي اكتفت بما تم من مناقشات دون التزام عليها بإجراء المزيد مما لا ترى لزوماً له، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر عند الرد على الدفع ببطلان الاستجواب الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى ، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .لما تقدم يتعين رفض الطعن.لذلكرفضت المحكمة الطعن وألزمت الطاعنين المصروفات مع مصادرة الكفالة.