02 يونيو 2023 م
14 ذو القعدة 1444 هــ
English
جلسة 3 أبريل سنة 2007
الطعنان رقما 11 و 14 لسنة 2007 تمييز مدني
(1-3) محاماة. نيابة "أثر التصرفات التي يبرمها النائب: النيابة الاتفاقية ". وكالة "نطاق الوكالة" " آثار الوكالة " " من أنواع الوكالة: الوكالة في الخصومة، الوكالة الظاهرة".
(1) علاقة الخصوم بوكلائهم. عدم جواز تصدي المحكمة لها طالما لم ينكر صاحب الشأن وكالة وكيله. مباشرة المحامي للإجراء قبل صدور التوكيل ممن كلفه به. عدم جواز اعتراض الخصم بأن الوكالة لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
(2) الأصل. قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته في إبرام التصرف. الاستثناء. قيام شخص في إبرام التصرف نيابة عن الأصيل ولحسابه. النيابة الاتفاقية ممثلة في عقد الوكالة. وجوب تلاقي إرادة الطرفين على عناصرها وحدودها صراحة أو ضمناً بحيث ينصرف ما يبرمه الوكيل مع الغير في حدود وكالته إلى الموكل.
(3) تعامل الوكيل باسمه مع من تعاقد معه لا باسم الموكل. لا محل لاحتجاج الغير بقيام الوكالة الظاهرة.
(4، 5) إيجار "القواعد العامة في الإيجار: بعض أنواع الإيجار: إيجار ملك الغير". تعويض "التعويض عن التعرض في الانتفاع بالعين المؤجرة". مسئولية" مسئولية تقصيرية: عناصرها". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير انتفاء الضرر الموجب للتعويض".
(4) إيجار ملك الغير. الأصل. عدم نفاذه في حق المالك. مجابهة المالك لمن أجر أو استأجر ملكه لعدم نفاذ التعاقد على استغلاله. ليس فيه تعسف في استعمال الحق. أثره. انتفاء الخطأ الموجب للمسئولية فيما اتخذه من إجراءات قانونية لحماية الحق وتأكيده.
(5) تقدير انتفاء الضرر الموجب للتعويض. واقع. استقلال محكمة الموضوع به. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق.
(6، 7) عقد " آثار العقد ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير مجاوزة الوكيل حدود الوكالة وعمل الفضولي ". وكالة " آثار الوكالة " " مجاوزة الوكيل حدود الوكالة ".
(6) الأصل. عدم نفاذ العقود إلا في حق عاقديها. عدم التزام صاحب الحق بما صدر عن غيره من تصرفات بشأنه إلا ما يجيزه منها. أثره. انصراف آثارها إليه من وقت إبرامها.
(7) استخلاص إجازة الموكل لعمل وكيله المجاوز لحدود الوكالة أو لعمل الفضولي. استقلال محكمة الموضوع بتقديره دون رقابة من محكمة التمييز. شرطه. أن يكون سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق.
(8، 9) إيجار " إيجار الأماكن: القواعد العامة في الإيجار: بعض أنواع الإيجار: إيجار الوكيل " " تشريعات إيجار الأماكن: ما يخرج عن نطاق سريانها: الأماكن المعدة للاستغلال بتأجيرها للغير ". حكم " تسبيبه : عيوب التدليل : ما لا يعد كذلك ".
(8) عقد الإيجار. خضوعه في الأصل من حيث تحديد أركانه وشروط انعقاده للقواعد العامة في القانون المدني التي لا تخالف قواعد آمرة في قوانين إيجار الأماكن.
(9) ثبوت أن عقد إيجار النزاع انصب على أعيان بقصد استغلالها وتأجيرها للغير. خضوعه لأحكام القانون المدني لا قانون إيجار الأماكن. تأجير المطعون ضده الثاني محال النزاع المملوكة للطاعنين – عدا الثلاثة الأول – إلى المطعون ضدها الأولى لمدة عشر سنوات وخلو أحكام القانون المدني (الملغي) – المنطبق على واقعة النزاع – من تحديد سني معينة لإيجار الوكيل. قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب عدم نفاذ عقد الإيجار في حق الطاعنين فيما تجاوز مدة الثلاث سنوات الأولى. صحيح في القانون. النعي عليه بمخالفة القانون. لا أساس له.
(11،10) مسئولية "المسئولية التقصيرية : أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية". تمييز "أسباب الطعن: السبب الموضوعي".
(10) المسئولية . قيامها بتوافر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية.
(11) استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع.شرطه. أن يكون سائغاً . النعي على الحكم بشأن هذا الاستخلاص. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة التمييز
_____________________
1- إذ كان من غير الجائز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله، فإذا باشر لمحامي الإجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
2- الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته في إبرام التصرف، إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصيل بإبرام التصرف باسم هذا الأخير ولحسابه بحيث تنصرف إليه، وفي غير الأحوال التي نص فيها القانون على هذه النيابة فإنها تقوم أساساً باتفاق إرادة طرفيها على أن يحل أحدهما وهو النائب – محل الآخر – وهو الأصيل – في إجراء العمل القانوني الذي يتم لحسابه، وتقتضي تلك النيابة الاتفاقية ممثلة في عقد الوكالة تلاقي إرادة طرفيها – الأصيل والنائب – على عناصر الوكالة وحدودها، وهو ما يجوز التعبير عنه صراحة أو ضمناً بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتنصرف آثاره إليه، وتخضع العلاقة بين الموكل والوكيل في هذا الصدد من حيث مداها وآثارها لأحكام الاتفاق المبرم بينهما، وهو عقد الوكالة.
3- المقرر - أنه لا محل لاحتجاج الغير بقيام الوكالة الظاهرة إذا كان الوكيل لا يعمل باسم الموكل وإنما كان تعامله باسمه مع من تعاقد معه.
4- إذ كانت القواعد العامة تقضي بأن الأصل في إيجار ملك الغير أنه لا ينفذ في حق المالك، وكانت مجابهة المالك لمن أجر أو استأجر ملكه بقصد عدم نفاذ تعاقدهما على استغلاله إنما هو استعمال لحق مشروع لا يشوبه ثمة تعسف، ومن ثم ينتفي الخطأ في جانبه فيما يتخذه من إجراءات قانونية قصد بها حماية هذا الحق وتأكيده.
5- المقرر - أن تقدير انتفاء الضرر هو من مسائل الواقع التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع بغير معقب طالما جاء استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق.
6- الأصل في العقود أنها لا تنفذ إلا في حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر عن غيره من تصرفات بشأنها إلا ما قد يجيزه مما تعلق به منها فترتد إليه آثارها من وقت إبرامها.
7- المقرر – أن من حق محكمة الموضوع استخلاص ما يعتبر إجازة من الموكل لعمل وكيله المجاوز حدود الوكالة أو لعمل الفضولي لتعلق ذلك بالتعبير عن الإرادة الذي يكفي لقيامه اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود وهو ما تستقل محكمة الموضوع بتقديره لاتصاله بفهم الواقع في الدعوى بغير رقابة عليها من محكمة التمييز ما دام استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق.
8- إذ كان عقد الإيجار – في ظل أحكام القانون المدني الملغي الذي تم التعاقد في ظله والساري على واقعة النزاع – هو كغيره من العقود يخضع في الأصل من حيث تحديد أركانه وتوافر شروط انعقاده للقواعد العامة الواردة في القانون المدني التي لا تخالف قواعد آمرة نصت عليها قوانين إيجار الأماكن فيما يخضع لتطبيق أحكامها عليه.
9- إذ كان عقد الإيجار المؤرخ 25/8/2003 – وبغير خلاف بين المتخاصمين – صادراً من المطعون ضده الأخير للمطعون ضدها الأولى عن محال بقصد استغلالها وتأجيرها للغير ومن ثم فإن التكييف القانوني لهذا العقد أنه عقد إيجار يخضع للقواعد العامة الواردة في القانون المدني ولا تسري عليه أحكام القانون رقم (2) لسنة 1975 في شأن إيجار الأماكن والمباني عملاً بنص البند الخامس من الفقرة الثانية من المادة الأولى من هذا القانون. لما كان ما تقدم، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الثاني أجر محال النزاع المملوكة للطاعنين – عدا الثلاثة الأول – إلى المطعون ضدها الأولى لاستغلالها بتأجيرها للغير وحدد لسريان العقد مدة عشر سنوات، وكان القانون المدني الملغي لم يحدد سنَّي معينة في إيجار الوكيل، وكانت التوكيلات الصادرة للمؤجر والتي اعتد بها الحكم المطعون فيه – على ما سلف بيانه – فوضت الوكيل في تحديد مدة العقد دون أن تقيده بسقف زمني معين، فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب عدم نفاذ عقد الإيجار في حق الطاعنين المذكورين فيما تجاوز السنوات الثلاث الأول يتلاقى وصحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب غير قائم على أساس.
10- المقرر – أن المسئولية لا تقوم إلا بتوافر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية.
11- المقرر – أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام استخلاصها جاء سائغاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنيْن استوفيا أوضاعهما الشكلية.
و حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم عدا الأخير في الطعن رقم 11/2007 أقاموا الدعوى رقم1753/2004 مدني كلي ضد الطاعنة والمطعون ضده الأخير بطلب الحكم بعدم نفاذ عقد الإيجار المؤرخ 25/8/2003 المبرم بين المدعى عليهما المذكورين في حقهم وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي لهم مبلغ 10.000000 ريال، وقالوا بياناً لذلك أنهم يمتلكون محلات مفرزاً نصيب كل منهم فيها - أجرها المطعون ضده الأخير إلى الطاعنة دون أن ينيبوه عنهم في ذلك، وإذ أجْرت الطاعنة تعديلات على هذه المحال وهدمت واجهاتها فقد أنذروها بالتوقف عن ذلك وتسليمها لهم مع تعويضهم عما أصابهم من ضرر ناشئ عنه فلم تجبهم إلى طلبهم فأقاموا الدعوى. وبصحيفة قدمت إلى قلم الكتاب طلبت الطاعنة إلزام المطعون ضده الأخير بأن يدفع لها مبلغ 32.240000 ريال تعويضاً عما أصابها من ضرر من جراء تعرضه وباقي خصوم الدعوى لها مع الحكم عليهم بعدم التعرض القانوني لها في حيازتها لعقار النزاع على سند من أن المؤجر قد تعاقد معها عن نفسه وبصفته وكيلاً عن إخوته المالكين بإيجار وحدات هذا العقار لها. كما تقدم المطعون ضده الأخير بصحيفة إلى قلم الكتاب ضمنها طلبه فسخ عقد الإيجار الذي حرره مع الطاعنة عن عقارات النزاع على سند من تأخرها عن سداد الأجرة المستحقة عليها. ندبت المحكمة خبيراً ثم حكمت بتاريخ 22/10/2006 بعدم نفاذ عقد الإيجار المؤرخ 25/8/2003 في حق المطعون ضدهم الثلاثة الأول ومنع تعرض المطعون ضده الأخير للطاعنة وضمانه التعرض الصادر من الباقين ورفض الطلب العارض المقدم من الأول. ولم ترتض الطاعنة هذا القضاء فاستأنفته برقم 101/2006 واستأنفه المطعون ضده الأخير برقم 105/2006 كما أستأنفه باقي المطعون ضدهم برقم 106/2006، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة حكمت برفضها. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم 11/2007، كما طعن عليه باقي الخصوم – عدا المطعون ضده الأخير- بالطعن رقم 14/2007. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحدت جلسة لنظره وفيها قررت بضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول.
أولاً : الطعن رقم 11/2007:-
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت خلال نظر الاستئناف بعدم قبول الدعوى أمام محكمة أول درجة لمباشرة المحامي الحاضر عن المطعون ضدهم الثلاثة الأول
إجراءاتها دون توكيل صحيح منهم إليه، كما تمسكت بعدم قبول الاستئناف رقم 106/2006 بالنسبة للمطعون ضدهم عدا الأخير لذات السبب إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين الدفعين على غير ما يحمله قانوناً مما يعيبه ويستوجب تميزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من غير الجائز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله، فإذا باشر المحامي الإجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يُعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. لما كان ما تقدم وكانت الأوراق خلواً من منازعة المطعون عليهم- عدا الأخير- حول وكالة محاميهم فيما تم القيام به من إجراءات التقاضي وتمثيلهم في الخصومة أمام محكمة الموضوع، وكان القانون لم يستلزم أن يكون الوكيل مفوضاً في اتخاذ تلك الإجراءات تفويضاً خاصاً ثابتاً قبل مباشرتها فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بوجود وكالة ظاهرة ضمنية من المطعون ضدهم الثلاثة الأول لشقيقهم المطعون ضده الأخير تخوله تأجير ما يملكونه من العقارات التي استأجرتها منه إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وقضى بعدم نفاذ الإيجار في حق المطعون ضدهم الثلاثة الأول مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته في إبرام التصرف، إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصيل بإبرام التصرف باسم هذا الأخير ولحسابه بحيث تنصرف آثاره إليه، وفي غير الأحوال التي نص فيها القانون على هذه النيابة فإنها تقوم أساساً باتفاق إرادة طرفيها على أن يحل أحدهما -وهو النائب - محل الآخر- وهو الأصيل- في إجراء العمل القانوني الذي يتم لحسابه، وتقتضي تلك النيابة الاتفاقية ممثلة في عقد الوكالة تلاقى إرادة طرفيها- الأصيل والنائب - على عناصر الوكالة وحدودها، وهو ما يجوز التعبير عنه صراحة أو ضمناً بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتنصرف أثاره إليه، وتخضع
العلاقة بين الموكل والوكيل في هذا الصدد من حيث مداها وأثارها لأحكام الاتفاق المبرم بينهما وهو عقد الوكالة، وكان لا محل لاحتجاج الغير بقيام الوكالة الظاهرة إذا كان الوكيل لا يعمل باسم الموكل وإنما كان تعامله باسمه مع من تعاقد معه. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من عدم نفاذ عقد الإيجار المؤرخ 25/8/2003 في حق المطعون ضدهم الثلاثة الأول على سند من انتفاء الوكالة الظاهرة للمطعون ضده الأخير عن المطعون ضدهم المذكورين لأن تعاقده مع الطاعنة كان باسمه شخصياً فلا يحاجون بتحقق الوكالة الظاهرة وهو ما يتفق وصحيح القانون، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون غير قائم على أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ أيد قضاء الحكم المستأنف برفض تعويضها عن تعرض المطعون ضدهم لها في الانتفاع بالعين المؤجرة وما أنفقته على إعداد المحال المقضي بعدم نفاذ عقد الإيجار في حق أصحابها حال أنها تستحق تعويضاً عن ذلك جميعه وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب تميزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت القواعد العامة تقضي بأن الأصل في إيجار ملك الغير أنه لا ينفذ في حق المالك، وكانت مجابهة المالك لمن أجر أو استأجر ملكه بقصد عدم نفاذ تعاقدهما على استغلاله إنما هو استعمال لحق مشروع لا يشوبه ثمة تعسف، ومن ثم ينتفي الخطأ في جانبه فيما يتخذه من إجراءات قانونية قصد بها حماية هذا الحق وتأكيده، ولما كان من غير المتصور وجود المسئولية بغير ضرر باعتباره شرطاً لازماً لقيامها، وكان تقدير انتفاء الضرر هو من مسائل الواقع التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع بغير معقب طالما جاء استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. لما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رفض طلب الطاعنة التعويض على سند من انتفاء الخطأ في جانب المطعون ضدهم الثلاثة الأول الذين لم يجيزوا تأجير المطعون ضده الأخير لعقاراتهم إلى الطاعنة وانتفاء الضرر عن تعرض الباقين له فيما أجازوه من تصرفات، وهي تقديرات سائغة لنفي اكتمال أركان المسئولية في النزاع المطروح وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون غير قائم على أساس.
ثانياً: الطعن رقم 14/2007:-
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بأولها وبالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أيد قضاء محكمة أول درجة برفض طلبهم - عدا الثلاثة الأول منهم - بعدم نفاذ عقد الإيجار المؤرخ 25/8/2003 في حقهم على ما قرره من أن المطعون ضده الثاني حرر هذا العقد بصفته نائباً عنهم دون مراعاة لما استوجبه القانون من انصراف إرادة الأصيل إلى قيام هذه الإنابة، ومخالفاً بذلك ما كشف عنه عقد الإيجار من تعاقد المطعون ضده الأخير على تأجير أعيان النزاع للمطعون ضدها الأولى باسمه غير مقرون بوكالته عنهم ومناقضاً بذلك ما أعتد به الحكم المستأنف بشأن وكالة المؤجر عنهم في علاقته بالمستأجر حتى وإن جاءت لاحقة على التعاقد بما كان لازمه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف، وإذ خالف قضاء الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى رفض استئنافهم فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الأصل في العقود أنها لا تنفذ إلا في حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر عن غيره من تصرفات بشأنه إلا ما قد يجيزه مما تعلق به منها فترتد إليه آثارها من وقت إبرامها، ومن حق محكمة الموضوع استخلاص ما يعتبر إجازة من الموكل لعمل وكيله المجاوز حدود الوكالة أو لعمل الفضولي لتعلق ذلك بالتعبير عن الإرادة الذي يكفي لقيامه اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاًّ في دلالته على حقيقة المقصود وهو ما تستقل محكمة الموضوع بتقديره لاتصاله بفهم الواقع في الدعوى بغير رقابة عليها من محكمة التمييز مادام استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. لما كان ما تقدم وكان بيِّن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اعتد بالوكالة اللاحقة للطاعنين من الرابع إلى الأخير المطعون ضده الثاني المحررة على سندات عرفية بإنابتهم للأخير في تأجير ما يملكونه من أعيان النزاع واعتبر تصرف المؤجر بتأجيرها للمطعون ضدها الأولى نافذاً في حقهم من تاريخ التعاقد ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى في هذا الخصوص، فإن النعي على الحكم المطعون فيه تأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولما أضافه من أسباب لا تتعارض معها لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التميز ويضحي النعي بذلك غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ إعتد بعقد الإيجار المؤرخ في 25/8/2003 في مواجهة من نفذ في حقه منهم عن مدة تجاوز الثلاث سنوات حال أن من أخذهم الحكم بتوكيلاتهم لم يجيزوا للوكيل سوى إدارة هذه العقارات مِمَّا يجنبهم محاجة المستأجر لهم بما اتُّفق عليه في العقد متجاوزاً تلك المدة وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان عقد الإيجار - في ظل أحكام القانون المدني الملغي الذي تم التعاقد في ظله والساري على واقعة النزاع - هو كغيره من العقود يخضع في الأصل من حيث تحديد أركانه وتوافر شروط انعقاده للقواعد العامة الواردة في القانون المدني التي لا تخالف قواعد آمرة نصت عليها قوانين إيجار الأماكن فيما يخضع لتطبيق أحكامها عليه – وكان عقد الإيجار المؤرخ 25/8/2003 - وبغير خلاف بين المتخاصمين صادراً من المطعون ضده الأخير للمطعون ضدها الأولى عن محال بقصد استغلالها وتأجيرها للغير ومن ثم فإن التكييف القانوني لهذا العقد أنه عقد إيجار يخضع للقواعد العامة الواردة في القانون المدني ولا تسري عليه أحكام القانون رقم (2) لسنة 1975 في شأن إيجار الأماكن والمباني عملاً بنص البند الخامس من الفقرة الثانية من المادة الأولى من هذا القانون. لما كان ما تقدم وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الثاني أجر محال النزاع المملوكة للطاعنين - عدا الثلاثة الأول - إلى المطعون ضدها الأولى لاستغلالها بتأجيرها للغير وحدد لسريان العقد مدة عشر سنوات وكان القانون المدني الملغي لم يحدد سنَّي معينة في إيجار الوكيل، وكانت التوكيلات الصادرة للمؤجر والتي اعتد بها الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه- فوضت الوكيل في تحديد مدة العقد دون أن تقيده بسقف زمني معين فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب عدم نفاذ عقد الإيجار في حق الطاعنين المذكورين فيما تجاوز السنوات الثلاث الأولى يتلاقى وصحيح القانون ويضحى النص عليه بهذا السبب غير قائم على أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم أسس قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من رفض طلب التعويض المقدم منهم على سند من أن المطعون ضدها الأولى أجرت تحسينات على أعيان النزاع، دون أن يتطرق لبحث عناصر المسئولية وما أصابهم من ضرر وليد فعل المستأجر مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كانت المسئولية لا تقوم إلا بتوافر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية، وكان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام استخلاصها جاء سائغاً. لما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد جابه به طلب الطاعنين التعويض عما نسبوه للمطعون ضده الأول من إتلاف واجهات عقاراتهم وإدخاله تعديلات عليها بما انتهى إليه من انتفاء هذا التلف، واصفاً ما قام به المستأجر بأنها تحسينات أدخلها على العقار ومن ثم يكون قد نفى عنه الخطأ وحجب عنهم الضرر فأصبحت مسئوليته عن التعويض فاقدة لركنىْ الخطأ والضرر فيها، وأقام قضاءه في ذلك على ما يحمله ومن ثم فإن النعي عليه بهذا الوجه لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره بما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لذلك
رفضت المحكمة الطعنيْن وألزمت الطاعن في الطعن الأول والطاعنين في الطعن الثاني كلاً مصاريف طعنه وأمرت بمصادرة الكفالة في الطعنيْن.