10 يونيو 2023 م
22 ذو القعدة 1444 هــ
English
جلسة 1 من يناير سنة 2008
الطعن رقم 69 لسنة 2007 تمييز مدني
(1) تمييز "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل".
النعي الوارد على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
(3،2) بطلان "بطلان الحكم". "حكم" تسبيبه: عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق، التناقض: ما لا يُعد كذلك.
(2) مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها.
(3) التناقض المفسد للحكم. ماهيته. ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه ولا يُفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه. اشتمال الحكم على ما يكفى لحمله ويبرر قضاءه. النعى عليه بالتناقض. لا أساس له.
(4) تمييز "سلطة محكمة التمييز". محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف العقود والمحررات".
محكمة الموضوع. التزامها بتكييف العقود والمحررات وإعطائها وصفها الحق من الواقع والنية المشتركة لأطرافها دون التقيد بتكييف الخصوم لها. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة التمييز. علة ذلك.
(5-7) إثبات "طرق الإثبات: البينة تقدير أقوال الشهود". عقد "عقد الوكالة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". مسئولية "المسئولية العقدية: من صورها: مسئولية الوكيل". وكالة "ماهيتها" "إثبات الوكالة".
(5) الوكالة التجارية. جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود.
(6) تقدير أقوال الشهود. من سلطة قاضي الموضوع حسبما يطمئن إليه وجدانه. شرطه. ألا يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
(7) الوكالة. ماهيتها. عدم اتخاذ الوكيل عند تنفيذ الوكالة الاحتياطات التي تقتضيها مصالح الموكل. أثره مسئوليته عن تعويض ما يصيب الموكل من ضرر جراء هذا الإهمال.
1- إذ ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ عوَّل على تقرير الخبير في شأن احتساب الفوائد واعمل أحكام المقاصة عند احتسابها دون أن يكون هناك موافقة من البنك أو صدور حكم قضائي بذلك، وحيث إن هذا النعي غير مقبول لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه، إذ أنه لم يُعمل أحكام المقاصة، ومن ثم يكون النعي غير منتج.
2- مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات بما يوصف بأنه مسلك إيجابى منها تقضي فيه على خلاف هذه البيانات، وقد يأتى كذلك من موقف سلبي من المحكمة بتجاهلها هذه المستندات والأوراق وما هو ثابت فيها.
3- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – بأن التناقض الذي يُفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يُفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوق الحكم. لما كان ذلك، وكان ما ورد بالحكم المطعون فيه بشأن ما نُسب للبنك من ارتكابه خطأ جسيماً أصاب العميل بضرر، ونفى أي خطأ من جانب من وجهت إليه دعوى الضمان لا يعنى أنه تناقضاً في أسباب الحكم، وذلك بالمعنى المقرر في القانون، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس.
4- المقرر – أنه وإن كانت محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء العقود والمحاضرات وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح حسبما تستخلصه سائغاً من حقيقة الواقع والنية المشتركة وأطراف هذه المحررات، ودون أن تتقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها، إلا أن هذا التكييف يخضع لرقابة محكمة التمييز باعتباره مسالة قانونية تتعلق بتطبيق القانون على الواقع.
5- المقرر – أن إثبات الوكالة جائز بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود متى كانت الوكالة تجارية.
6- المقرر – أن تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان لأحد عليه في ذلك، إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
7- المقرر – أن الوكالة عقد يلتزم الوكيل بمقتضاه بأن يقوم بعمل لحساب الموكل ملتزماً ببذل العناية الواجبة فيما قام بتنفيذه من أعمال الوكالة، وبتقديم حساب عن هذه الأعمال ورد ما تحت يده للموكل بسبب الوكالة، ويسأل الوكيل عن تقصيره الحادث بفعله أو بمجرد إهماله، فإذا لم يتخذ عند تنفيذه الوكالة الاحتياطات التي تقتضيها مصالح الموكل أصبح مسئولاً قبله عن تعويض ما يصيبه من ضرر جراء هذا الإهمال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ( ) مدني كلي بطلب الحكم أولاً: بندب خبير حسابي تكون مهمته تحقيق حسابات ومعاملات المطعون ضده مع البنك الطاعن، وبيان الأضرار التي أصابته والتعويضات المستحقة عنها، ثانياً: بإلزام البنك بأن يرد له أمواله التي استولى عليها دون وجه حق، وقال بياناً لذلك إن لديه معاملات مالية لدى البنك وأنه كان قد استثمر مبلغ مليون دولار لدى شركة ( ) بالبحرين عن طريق الطاعن، إلا أن البنك استولى على المبلغ المستثمر دون وجه حق، وأوقف الاعتمادات المصرفية والتسهيلات الائتمانية مما ترتب عليه تعطيل تجارته وإصابته بأضرار مادية، فأقامت دعوى. ندبت المحكمة خبيراً ثم أحالت الدعوى للتحقيق، وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت بإلزام البنك بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغاً وقدره مليون وألف وسبعون دولاراً أمريكياً وثمانية وثمانون بنساً، ثانياً: بإلزام البنك بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغاً وقدره 161,873,56 ريال (مائة وواحد وستون ألفاً وثمانمائة وثلاثة وسبعون ريالاً قطرياً وستة وخمسون درهماً) على سبيل التعويض ورفضت ما عدا ذلك، ثالثاً: بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغاً وقدره 15,000 خمسة عشر ألف دولار أمريكي على سبيل التعويض، رابعاً: إخراج الخصم المدخل. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم برقم 250/2001، كما استأنفه الطاعن برقم 263/2001، ضمت المحكمة الاستئنافين ثم أعادت الدعوى للخبير. بتاريخ 29/2/2004 قضت المحكمة برد وبطلان الكتاب المؤرخ 18/5/1987، ثم قضت بتاريخ 25/4/2007 أولاً: في موضوع الاستئناف رقم 251/2001 المقام من المطعون ضده الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ مليون دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملة الوطنية وبإلزامه بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 9,167,814 ريال قطري على سبيل التعويض عن كافة الأضرار المادية والأدبية، ثانياً: وفي موضوع الاستئناف رقم 263/2001 المقام من البنك برفضه، ثالثاً: برفض دعوى الضمان المقامة من البنك الطاعن ضد ( ). طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز، عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة المشورة- فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ عوَّل على تقرير الخبير في شأن احتساب الفوائد وأعمل أحكام المقاصة عند احتسابها دون أن يكون هناك موافقة من البنك أو صدور حكم قضائي بذلك.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه، إذا أنه لم يُعمل أحكام المقاصة، ومن ثم يكون النعي غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفته الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى ثبوت استلام البنك لمبلغ المليون دولار وتحويل جزء منه إلى حساب المطعون ضده إلى تقريري خبيري الدعوى ورتب على ذلك قضاءه بإلزامه بأداء المبلغ المحكوم به حال إن التقريرين خليا مما يحمل قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الشأن مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات بما يوصف بأنه مسلك إيجابي منها تقضي فيه على خلاف هذه البيانات وقد يأتي كذلك من موقف سلبي من المحكمة بتجاهلها هذه المستندات والأوراق وما هو ثابت فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من تقريري خبيري الدعوى اللذين ورد بهما ثبوت استثمار البنك لمبلغ المليون دولار لحساب المطعون ضده لدى شركة ( ) إلى أن تم سحب هذا المبلغ على دفعتين، وإذ أخذ الحكم بما ورد بهذين التقريرين لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس بالتناقض إذ أقام قضاءه بإلزامه بالتعويض المحكوم به على سند من خطأ البنك الطاعن حال إنه استبعد خطأ المطعون ضده والذي تحقق في شأنه تزوير المحرر المؤرخ 18/5/1987 بما كان لازمه نفي الخطأ عن الطاعن.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- بأن التناقض الذي يفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوق الحكم. لما كان ذلك، وكان ما ورد بالحكم المطعون فيه بشأن ما نُسب للبنك من ارتكابه خطأ جسيماً أصاب العميل بضرر، ونفى أي خطأ من جانب من وجهت إليه دعوى الضمان، لا يعنى أن هناك تناقضاً في أسباب الحكم وذلك بالمعنى المقرر في القانون، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالأوجه الأول والثاني والرابع والخامس من السبب الأول والسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ اعتبر سند علاقته بالطاعن عقد وديعة غير ثابت بالكتابة مستدلاً عليه بأقوال شهود لا تؤدي مدلولها إلى ما انتهى إليه وشاهدين لم يمثلا بمجلس القضاء وهما موظفان بالبنك الطاعن محظور عليهما قانوناً إفشاء أسراره ورتب الحكم على ذلك إلزام البنك بأداء قيمة الوديعة وما غلته من فائدة إلى المطعون ضده عما ادعاه من ضرر، في حين أن الحكم أخطأ في فهم وتحصيل الثابت بتقرير الخبير باعتقاده أن مبلغ 8,855,941 ريال قطري الوارد بالتقرير لا يشمل مبلغ المليون دولار مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كانت محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء العقود والمحررات وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح حسبما تستخلصه سائغاً من حقيقة الواقع والنية المشتركة لأطراف هذه المحررات، ودون أن تتقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها، إلا أن هذا التكييف يخضع لرقابة محكمة التمييز باعتباره مسألة قانونية تتعلق بتطبيق القانون على الواقع، وإذ كانت دعوى المطعون ضده الأول بإلزام البنك برد ما استثمره لحسابه من أمواله هو في حقيقته يستند إلى عقد وكالة وليس عقد وديعة، وكان إثبات الوكالة جائز بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود متى كانت الوكالة تجارية كما أن تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان لأحد عليه في ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال ما يؤدي إلى مدلولها، وإذا كانت المحكمة عوَّلت على ما شهد به كل من (-،-) وأقام الحكم قضاءه استناداً إلى شهادة الشهود وما جاء بتقرير الخبرة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يسبق له أن تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الاستناد إلى أقوال الشاهدين العاملين بالبنك باعتباره إفشاء لأسراره اؤتمنا عليها، فإن النعي برمته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، وإذ كان من المقرر أن الوكالة عقد يلتزم الوكيل بمقتضاه بأن يقوم بعمل لحساب الموكل ملتزماً ببذل العناية الواجبة فيما قام بتنفيذه من أعمال الوكالة وبتقديم حساب عن هذه الأعمال ورد ما تحت يده للموكل بسبب الوكالة، ويسأل الوكيل عن تقصيره الحادث بفعله أو بمجرد إهماله، فإذا لم يتخذ عند تنفيذه الوكالة الاحتياطات التي تقتضيها مصالح الموكل أصبح مسئولاً قبله عن تعويض ما يصيبه من ضرر جراء هذا الإهمال، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه في قضائه برد المبلغ المستثمر إلى المطعون ضده وتعويضه عما أصابه من أضرار استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبرة وأقوال الشهود وذلك بما يتفق واحكام الوكالة، فإنه لا يكون فيما استند إليه من تكييف العقد بأنه وديعة ثمة تأثير على سلامة قضائه، ويضحى النعي غير منتج.