04 أكتوبر 2023 م
19 ربيع الأول 1445 هــ
English
جلسة 13 من مايو سنة 2008
الطعنان رقما 30 و36 لسنة 2008 تمييز مدني
(1-5) تعويض "تقدير التعويض" "الضرر: عناصره". تمييز "سلطة محكمة التمييز" "أسباب الطعن: الأسباب الموضوعية". حكم "تسبيبه: ما لا يعيب تسبيب الحكم". محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف العقود والمحررات" "مسائل الواقع" "سلطتها في تقدير الأجر والتعويض". وكالة.
(1) محكمة الموضوع. التزامها بإعطاء العقود والمحررات وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح بما تستخلصه سائغاً من الواقع والنية المشتركة لأفرادها دون التقيد بتكييف الخصوم لها.
(2) تحديد ما إذا كانت الوكالة بأجر أو بغير أجر. من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من سلطة التعرف على قصد المتعاقدين مستهدية في ذلك بعبارات التوكيل وظروف الدعوى وملابساتها. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من وقائع لها اصل ثابت في الأوراق.
(3) تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له. واقع. استقلال قاضي الموضوع دون رقابة من محكمة التمييز. شرطه. إقامة قضائه على أساس مقبول. النعي عليه فيما خلص إليه سائغاً. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة التمييز.
(4) انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة. اشتمال أسبابه على أخطاء قانونية. لا يبطله. لمحكمة التمييز تصحيح هذه الأسباب دون أن تميزه.
(5) تقدير الأجر والتعويض. من سلطة قاضي الموضوع متى قامت أسبابه ولم يكن في العقد أو القانون نص يلزمه بإتباع معايير معينة في خصوصه.
1- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء العقود والمحررات وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح حسبما تستخلصه سائغاً من حقيقة الواقع والنية المشتركة لأطراف هذه المحررات، ودون أن تتقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها.
2- المقرر – أن تحديد ما إذا كانت الوكالة مأجورة أو غير مأجورة هو من مسائل الواقع التي تبت فيها محكمة الموضوع بما لها من سلطة في التعرف على حقيقة ما اراده المتعاقدان مستعينة بعبارات التوكيل وظروف الدعوى وملابساتها دونما رقابة عليها في ذلك طالما كان استخلاصها سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة لها أصل في الأوراق.
3- المقرر – أن تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا يخضع فيها لرقابة محكمة التمييز ما دام قد اعتمد في قضائه على أساس مقبول. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع وهي بسبيل تقدير ما تستحقه المطعون ضدها من أجر وتعويض قد استظهرت من أوراق الدعوى وتقرير الخبير فيها ومن ظروفها وملابساتها أن ما قامت به المطعون ضدها من تقديم لعطاء حفل الافتتاح والختام لدورة الألعاب الآسيوية بالدوحة باسم الطاعن وتقديمها لشك الضمان المصاحب لهذا العطاء بمبلغ (ــــــ) دولار أمريكي هو عمل قامت به لصالح الطاعن تستحق عنه أجراً تولت المحكمة تقديره لخلو العقد من تحديده، وأن إنهاء الطاعن لعقد الوكالة قبل إتمام المطعون ضدها باقي ما أوكل إليها من أعمال قد جاء في وقت غير مناسب بما تستحق معه التعويض الذي قدرته المحكمة، وكان هذا التقدير مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك طالما أن الأسباب التي أوردتها المحكمة في هذا الصدد سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي إنتهت إليها في قضائها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
4- المقرر – أنه متى كان الحكم سليماً في نتيجته التي انتهى إليها فلا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة التمييز أن تصحح هذه الأسباب من غير أن تميزه.
5- إذ كانت الأسباب والمعايير التي اعتمد عليها الحكم في تقدير الأجر والتعويض لها أصل ثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويدخل ضمن سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمه بإتباع معايير معينة، ولا يخضع في ذلك لرقابة محكمة التمييز ما دام قد اعتمد في قضائه على أساس معقول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعنة في الطعن رقم 30/2008 أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم ( ) مدني كلي بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 14617500 ريال، وقالت بياناً لذلك إنها اتفقت معه بموجب مذكرة التفاهم المؤرخة 13/10/2004 على أن تكون وكيلة له في عطاء إنتاج وإخراج حفلي الافتتاح والختامي لدورة الألعاب الآسيوية 2006 وأن تساعده في ترسية العطاء عليه، على أن يحرر بعد ذلك عقداً بينهما ينظم التزاماتها وحقوقها، وقد أوفت بما تعهدت به في تلك المذكرة، غير أنه أخطرها بأنه لن يبرم معها عقداً جديداً مخلاً بذلك بالتزامه مما ألحق بها ضرراً، وأن ما تطالب به هو مقابل ما قامت به من أعمال وجبراً عما لحقها من ضرر بسبب قعوده عن تنفيذ تعهده بإبرام عقد جديد معها. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره وحكمت بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي إلى الطاعنة مائة وخمسين ألف دولار أمريكي. استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 243، 273/2006 ضمتها المحكمة الاستئنافية، ثم حكمت برفض استئناف المطعون ضده، وفي استئناف الطاعنة بتعديل الحكم المستأنف بزيادة المحكوم به لصالحها إلى مبلغ خمسمائة ألف دولار أمريكي، أو ما يعادله بالريال القطري. طعن الطرفان في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعنين رقمي 111، 112/2006، وبعد أن ضمتها المحكمة قضت بتاريخ 13/2/2007 بعدم قبول الطعن الأول، وفي الطعن الثاني بتمييز الحكم المطعون فيه والإحالة. وبعد تعجيل الدعوى أمام محكمة الاستئناف قضت بتاريخ 28/1/2008 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعنة مبلغ مائة ألف دولار أمريكي أو ما يعادله بالريال القطري كأجر وتعويض له. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 30/2008، كما طعن المطعون ضده بالطعن رقم 36/2008، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة -في غرفة المشورة- ضمت الطعن الثاني للأول وحددت جلسة لنظرهما.
أولاً: الطعن رقم 36/2008:
أقيم هذا الطعن على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن مذكرة التفاهم المؤرخة 13/4/2004 ليست عقداً مكتمل الأركان بل مشروع تفاوض حول تعيين المطعون ضدها وكيل خدمات للطاعن بدولة قطر، وخلت من الاتفاق على أية مسائل جوهرية تبين حقوق والتزامات الطرفين، وهو ما يخضع هذه العلاقة إلى أحكام الفضالة، إلا أن الحكم اعتبر تلك المذكرة عقداً مكتمل الأركان بموجبه تم تعيين المطعون ضدها وكيل خدمات للطاعن وقضى لها بأجر وتعويض مستنداً في ذلك إلى نصوص هذه المذكرة وإلى أحكام القانون المدني القائم رغم خلو الأوراق مما يفيد أنها قامت بأية أعمال لصالح الطاعن تستحق عنها أجراً أو أن ثمة أضرار أصابتها من جراء إنهائه لهذه العلاقة، بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء العقود والمحررات وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح حسبما تستخلصه سائغاً من حقيقة الواقع والنية المشتركة لأطراف هذه المحررات ودون أن تتقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص من استعراض ما أفصحت عنه نصوص المذكرة المؤرخة 13/4/2004 أنه تم بموجبها تعيين المطعون ضدها وكيل خدمات محلي للطاعن لتقديم عطاء التعاقد لإنتاج وإخراج مهرجانات الألعاب الآسيوية بالدوحة باسمه حتى يتم حصوله على العقد وانتهى إلى اعتبارها عقد وكالة ورتب على ذلك إعمال ما جاء بنصوصها بحسبانها قانون المتعاقدين وذلك لخلو القانون المدني وأحكام الشريعة الإسلامية التي تم الاتفاق في ظل العمل بأحكامها من اي تنظيم لهذا النوع من الوكالة، وهذا الذي خلص إليه الحكم له أصل ثابت بالأوراق ولا خروج فيه عن المعنى الذي تحتمله عبارات تلك المذكرة، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان تحديد ما إذا كانت الوكالة مأجورة أو غير مأجورة هو من مسائل الواقع التي تبت فيها محكمة الموضوع بما لها من سلطة في التعرف على حقيقة ما أراده المتعاقدان مستعينة بعبارات التوكيل وظروف الدعوى وملابساتها دون ما رقابة عليها في ذلك طالما كان استخلاصها سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة لها أصل في الأوراق، كما أن تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا يخضع فيها لرقابة محكمة التمييز ما دام قد اعتمد في قضائه على أساس مقبول. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع وهي بسبيل تقدير ما تستحقه المطعون ضدها من أجر وتعويض قد استظهرت من أوراق الدعوى وتقرير الخبير فيها ومن ظروفها وملابساتها أن ما قامت به المطعون ضدها من تقديم لعطاء حفل الافتتاح والختام لدورة الألعاب الآسيوية بالدوحة باسم الطاعن وتقديمها لشك الضمان المصاحب لهذا العطاء بمبلغ 150000 دولار أمريكي، هو عمل قامت به لصالح الطاعن تستحق عنه أجراً تولت المحكمة تقديره لخلو العقد من تحديده، وأن إنهاء الطاعن لعقد الوكالة قبل إتمام المطعون ضدها باقي ما أوكل إليها من أعمال قد جاء في وقت غير مناسب بما تستحق معه التعويض الذي قدرته المحكمة، وكان هذا التقدير مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك طالما أن الأسباب التي أوردتها المحكمة في هذا الصدد سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها في قضائها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ولا ينال من ذلك خطأ في الإسناد إلى أحكام المادة (716) من القانون المدني القائم غير المنطبق في هذه الحالة، ذلك أنه متى كان الحكم سليماً في نتيجته التي انتهى إليها فلا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة التمييز أن تصحح هذه الأسباب من غير أن تميزه، فضلاً عن أنه لا وجه لإعمال أحكام الفضالة طالما وجدت رابطة عقدية تحكم العلاقة بين الطرفين ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه بما تقدم من أسباب غير مقبول.
ثانياً: الطعن رقم 30/2008:
حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن ما قدره الحكم لها من أجر وتعويض لا يتناسب مع حجم الأعمال التي قامت بها لصالح المطعون ضده ولا مع الأضرار الأدبية والمادية التي أصابتها، بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى للطاعنة بأجر وتعويض في ضوء وملابسات عقد الوكالة وحجم الأعمال التي قامت بها لصالح المطعون ضده، وكانت الأسباب والمعايير التي اعتمد عليها الحكم في تقدير الأجر والتعويض لها أصل ثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويدخل ضمن سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمه بإتباع معايير معينة، ولا يخضع في ذلك لرقابة محكمة التمييز ما دام قد اعتمد في قضائه على أساس معقول، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يضحى الطعن غير مقبول.