23 مارس 2023 م
02 رمضان 1444 هــ
English
جلسة 17 من نوفمبر سنة 2009
الطعن رقم 69 لسنة 2009 تمييز مدني
(1) التزام "آثار الالتزام: تنفيذ الالتزام: الإعذار". عقد "آثار العقد".
الإعذار. غايته. وضع المدين في مركز المتأخر عن تنفيذ التزامه. صيرورة تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين. مؤداه. لا موجب للإعذار. م (183) مدني. (مثال بشأن دعوى فسخ وتعويض عن عدم تنفيذ عقد تنظيم وإعداد حفل زفاف.
(2) عقد. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الخطأ التعاقدي" "مسائل الواقع". مسئولية "المسئولية العقدية: من أركانها: الخطأ".
استخلاص خطأ المتعاقد المتمثل في إخلاله بالتزامه الموجب لمسئوليته العقدية. واقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديره. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها.
(3) اختصاص "اختصاص قاضي التنفيذ". قاضي التنفيذ: اختصاصه". حجز "حجز ما للمدين لدى الغير".
اختصاص قاضي التنفيذ بتوقيع الحجز التحفظي على ما للمدين لدى الغير. حالتاه. 1- عدم وجود سند تنفيذي. 2- إذا كان الدين غير معين المقدار. م (446) مرافعات. الأمر الصادر من غير قاضي التنفيذ بتوقيع الحجز- في غير هاتين الحالتين- صحيح في القانون.
1- المقصود بالإعذار، هو وضع الممددين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه، ومن ثم فلا موجب له وفقاً للمادة (183) من القانون المدني بعد أن أصبح تنفيذ الالتزام غير مُجْد بفعل المدين، لما كان ذلك، وكان الثابت أن التعاقد خاص بالإعداد لحفل زفاف له موعد محدد، وبالتالي فإن تنفيذ الالتزام أصبح غير مُجْد ولا حاجة من بعد للإعذار بعد انقضاء موعد الحفل، وكان وجه استدلال الحكم من كتاب المطعون ضده للطاعن المرسل في 24/7/2006 أن المطعون ضده لم يبدأ في تنفيذ التزامه حتى تاريخ إرسال الكتاب، ويضحى النعي على غير أساس.
2- المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن استخلاص الخطأ المتمثل في إخلال المتعاقد بالتزامه الموجب لمسئوليته التعاقدية، هو من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استخلاصها قائماً على أسباب سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها.
3- الحجز التحفظي لما للمدين لدى الغير، لا يكون الاختصاص فيه لقاضي التنفيذ وحده، لأن المادة (446) من قانون المرافعات المدنية والتجارية جعلت الاختصاص له في حالتي عدم وجود سند تنفيذي أو كان الدين غير معين المقدار، وإذ كان مبلغ المليوني ريال الصادر أمر الحجز التحفظي من أجلها محقق الوجود حال الأداء ثابت بسند ظاهر يدل على وجوده وهو العقد المحرر بين الطرفين، ولا يغير من ذلك المنازعة فيه، ومن ثم فإن أمر الحجز التحفظي يكون قد صدر مطابقاً للقانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 373/2007 مدني كلي على الطاعن بطلب الحكم أولاً: بفسخ عقد تصميم وتنفيذ قاعة احتفالات وتنظيم حفل زفاف المؤرخ 1/5/2006، ثانياً: إلزام الطاعن بأن يرد له مبلغ مليوني ريال قيمة الدفعة المقدمة التي تسلمها عند التعاقد، ثالثاً: مبلغ خمسة عشر مليون ريال كتعويض. وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 1/5/2006 اتفق مع الطاعن على تصميم وتنفيذ قاعة احتفالات وتنظيم حفل زفاف محدد له يوم 7/9/2006 مقابل مبلغ ثمانية ملايين ريال سدد منها عند التعاقد مبلغ مليوني ريال واتفق على التزام الطاعن بالانتهاء من تنفيذ جميع الأعمال المتفق عليها في موعد غايته 1/9/2006، ورغم وفاء المطعون ضده بكافة التزاماته من استخراج التأشيرات والتصاريح اللازمة إلا أن الأخير لم ينفذ العقد رغم مطالبته في 26/8/2006 بتسليم رسومات وديكورات القاعة ولم يمتثل فأقام الدعوى. وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ ستة ملايين ريال باقي المستحق له في العقد والتعويض تأسيساً على أنه نفذ التزامه بالتعاقد مع شركات من الباطن لإنجاز ما أسند إليه ثم ورد إليه كتاب مؤرخ 24/7/2006 يتضمن تأجيل موعد الزفاف، وإذ لم يكن عدم التنفيذ راجعاً لسبب من جانبه وأن الخطأ في جانب المطعون ضده ويحق له المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به ومن ثم أقام دعواه، كما أقام المطعون ضده الدعوى المنضمة رقم 435/2007 مدني كلي على الطاعن وبنك (ـــــ) بالكويت وبنك (ـــــ) فرع بيروت بطلب الحكم بفسخ العقد مثار النزاع ورد مليوني ريال وثبوت الحق وصحة الحجز التحفظي الصادر بشأنه الأمر على عريضة رقم 164/2006 ثم ترك الخصومة بالنسبة للمحجوز لديهما. حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مليوني ريال، وفي الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن خمسمائة ألف ريال كتعويض، وفي الدعوى 435/2007 بإثبات ترك الخصومة بالنسبة لبنك (ـــــ) بالكويت وبنك (ـــــ) فرع بيروت وثبوت الحق وصحة الحجز ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضده برقم 1124/2008، كما استأنف الطاعن برقم 1139/2008، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 30/3/2009 في الاستئناف رقم 1124/2008 بفسخ عقد التصميم وتنفيذ قاعة الاحتفالات وتنظيم حفل الزفاف المؤرخ 1/5/2006 وتأييد باقي الحكم المستأنف في الدعوى الأصلية، وفي الاستئناف رقم 1139/2008 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الفرعية وبرفضها وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المنضمة 435/2007 مدني كلي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز، وإذ عرض الطعن على المحكمة- في غرفة المشورة- حددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من خمسة أوجه ينعى الطاعن بالوجه الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الأوراق خلت من الإعذار بالفسخ إلا أن الحكم وصف كتاب المطعون ضده للطاعن المتضمن التأجيل لظروف خاصة به بالإعذار حال أنه لم يتضمن ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقصود بالإعذار هو وضع المدين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه، ومن ثم فلا موجب له وفقاً للمادة (183) من القانون المدني بعد أن اصبح تنفيذ الالتزام غير مُجْد بفعل المدين. لما كان ذلك، وكان الثابت أن التعاقد خاص بالإعداد لحفل زفاف له موعد محدد، وبالتالي فإن تنفيذ الالتزام أصبح غير مجد ولا حاجة من بعد للإعذار بعد انقضاء موعد الحفل، وكان وجه استدلال الحكم من كتاب المطعون ضده للطاعن المرسل في 24/7/2006 أن المطعون ضده لم يبدأ في تنفيذ التزامه حتى تاريخ إرسال الكتاب، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأوجه من الثاني للرابع من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم قضى بفسخ العقد مستنداً لعدم تنفيذ الطاعن لالتزاماته حال أن عدم التنفيذ كان راجعاً للمطعون ضده الذي أرسل كتابه للطاعن يطلب التأجيل ثم أخطره الطاعن في 23/8/2006 بسرعة تحديد موعد لاستمرار نفاذ العقد بعد وقفه بناء على رغبة المطعون ضده إلا أنه لم يجبه وأخطره بفسخ العقد ولم يعرض الحكم لمستندات الطاعن التي تثبت تعاقده مع مقاولي الباطن الذين أسند لهم أعمال من المقاولة لتنفيذ العقد ورفض القضاء بالتعويض عما تكبده من نفقات وهو بصدد التهيئة لتنفيذ العقد، مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن استخلاص الخطأ المتمثل في إخلال المتعاقد بالتزامه الموجب لمسئوليته التعاقدية هو من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استخلاصها قائماً على أسباب سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه خلص إلى أن المطعون ضده قام بتنفيذ ما كلف به في العقد إذ قام بالوفاء بمبلغ مليوني ريال المتفق عليها كدفعة مقدمة للطاعن وقام باستخراج التصاريح والتأشيرات اللازمة لدخول فريق العمل التابع له والشركات المتعاقد معها إلا أن الطاعن لم يقم بتنفيذ التزاماته الواردة بالعقد مما دعا المطعون ضده لإنذاره في 26/8/2006 بتسليم الرسومات والمخططات الخاصة بقاعة الحفل حسبما ورد بالبند الرابع بالعقد والانتهاء من الأعمال المكلف بها في 1/9/2006 إلا أنه لم يحضر في الموعد المحدد له، ولم تسجل له ثمة زيارات للمعنيين في موقع العمل، ولا يغير من ذلك ما تمسك به الطاعن من أنه قام بإجراء تعاقدات مع شركات أخرى لأنه لم يقم بعرض ذلك على المطعون ضده طبقاً للمتفق عليه، وأن الكتاب المرسل من المطعون ضده للطاعن في 24/7/2006 والذي يخطره فيه بتأجيل حفل الزفاف لموعد آخر فإن محتوى هذا الكتاب كان لإثبات أن الطاعن حتى تاريخ إرساله لم يبدأ في تنفيذ العقد، ولحقه كتاب آخر في 31/8/2006 بتعديل الموعد بما يتوافق مع متطلبات الطاعن إلا أنه رغم ذلك لم يحضر للدوحة للتنفيذ مما اضطر المطعون ضده للتعاقد مع جهات أخرى لإتمام حفل الزفاف، وإذ كان هذا الاستخلاص قائماً على أسباب سائغة تكفي لحمله ولها معينها في الأوراق، فإن النعي على الحكم بما ورد بأوجه النعي لا تعدو أن تكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ويضحى النعي بذلك غير قائم على أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الخامس من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن أمر الحجز التحفظي رقم 164/2007 صدر باطلاً لصدوره من غير قاضي التنفيذ باعتبار أن حجز ما للمدين لدى الغير يختص بإصداره وفي كل الأحوال قاضي التنفيذ وحده حسبما تقرره المادة (446) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، كما أنه دفع بعدم الإعلان بالحجز خلال العشرة أيام التالية لتوقيعه، إلا أن الحكم أورد أسباباً عامة مفادها أن الأوراق تضمنت العديد من الإعلانات بالطرق الدبلوماسية دون بيانها ولا تصلح رداً على دفاعه، فضلاً عن صدور أمر الحجز بالمخالفة لقواعد الاختصاص لأن المحجوز لديهما خارج دولة قطر، مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحجز التحفظي لما للمدين لدى الغير لا يكون الاختصاص فيه لقاضي التنفيذ وحده لأن المادة (446) من قانون المرافعات المدنية والتجارية جعلت الاختصاص له في حالتي عدم وجود سند تنفيذي أو كان الدين غير معين المقدار، وإذ كان مبلغ المليوني ريال الصادر أمر الحجز التحفظي من أجلها محقق الوجود حال الأداء ثابت بسند ظاهر يدل على وجوده وهو العقد المحرر بين الطرفين، ولا يغير من ذلك المنازعة فيه، ومن ثم فإن أمر الحجز التحفظي يكون قد صدر مطابقاً للقانون، وفي خصوص ما يقرره الطاعن من عدم الإعلان بالحجز طبقاً للمادة (449) مرافعات فغير صحيح، إذ الثابت بكتاب الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية المؤرخ 3/7/2007 تمام الإعلان بدولة الكويت والذي يكتفي فيه برد الوزارة طواعية لنص المادتين (8) و(10) من قانون المرافعات، كما أن أمر الحجز التحفظي صدر صحيحاً لم يخالف قواعد الاختصاص الدولي، ولأن الأمر يتعلق من بعد بقواعد تنفيذ الأحكام الأجنبية في الدولة الأخرى، ويضحى النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.