جلسة 5/6/2006
الطعن رقم 55 لسنة 2006 تمييز جنائي
) 1 ( رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. مسئولية جنائية. تمييز "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الرشوة لا يشترط لقيامها أن تكون الأعمال المطلوبة داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة. كفاية كون الموظف المرتشي له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس .
اختصاص الموظف باتخاذ القرار . غير لازم . كفاية أن يكون دوره مجرد المشاركة في تحضيره ولو في صورة إبداء رأي استشاري .
) 2 ( إثبات "شهود" . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ برواية منقولة . متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه . عدم التزام المحكمة بتبرير اطراحها شهادة شهود النفي وأخذها بشهادة شهود الإثبات.
) 3 ( محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تمييز"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها . مادام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة .
ــــــــــــــــ
من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في أنه اشترك في إعداد وتقييم المشروع محل الدعوى وأنه اقترح زيادة قيمة المناقصة على نحو تمت الموافقة عليه ومن ثم فإن الركـن المـادي فـي جريمة الرشوة يتوافر في حقه حتى ولو اقتصر دوره على المشاركة في تحضير القرار أو إبداء رأي استشاري بصدده ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
من المقرر عدم وجود ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وأنه ليس على المحكمة أن تبرر اطراحها شهادة شهود النفي وأخذها بشهادة شهود الإثبات ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول.
لما كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع وهو على بينة من أمره فمن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ... ) طاعن (، 2- .. بأنهما المتهم الأول:- 1- بصفته موظفاً عاماً – مهندس بقسم الصيانة بمؤسسة /.. – قبل لنفسه مالاً على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته على النحو المبين بالأوراق . 2- أؤتمن بحكم وظيفتـه علـى سر خاص فأفشاه في غير الأحوال التي يلزم القانون فيها التبليغ. المتهم الثاني:- قدم رشوة لموظف عام ) المتهم الأول ( مقابل قيامه بإرسال مناقصة على النحو المبين بالأوراق. وطلبت معاقبتهما بالمواد ) 109، 110، 302 ( من قانون عقوبات قطر الصادر بالقانون رقم ) 14 ( لسنة 1971 ) الملغى (. والمحكمة الجنائية الكبرى قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني في 24/5/2004 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل منهما بالحبس لمدة ثلاث سنوات. استأنف كل من المحكوم عليه الأول والنيابة العامة. ومحكمة الاستئناف قضت حضورياً أولاً: بقبول استئناف المحكوم عليه الأول شكلاً وبرفضه موضوعاً . ثانياً : بقبول استئناف النيابة العامة شكلاً ورفضه موضوعاً بالنسبة للمحكوم عليه ) الأول ( وبوقف نظر استئناف النيابة العامة بالنسبة للمحكوم عليه ) الثاني ( لحين القبض عليه والفصل في المعارضة.فطعن الأستاذ / .. المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق التمييز ..ــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتىْ قبول رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته وإفشاء أسرار أؤتمن عليها بحكم وظيفته، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أنه دانه بجريمة الرشوة رغم تخلف الركن المادي فيها حيث أنه لا يملك اختصاصاً لترسية المناقصات التي تتقدم بها الشركات للمؤسسة التي يعمل بها، واتخذ الحكم من مجرد ملكية الطاعن لشركة للاستشارات قرينة على إفشائه الأسرار دون قيام دليل بذلك في الأوراق وخلافاً لما شهد به شهود النفي، كما اعتمد الحكم في الإدانة على أقوال للمتهم الآخر في الدعوى نقلها عنه شاهد الإثبات الثاني رغم أنها تخالف الحقيقة بشأن العلاقة التي كانت تربط شركة الطاعن بالشركة التي يمثلها المتهم الآخر، وأنه لم يثبت تسلم شركة الطاعن لمبالغ من الشركة الأخرى وأن المستند المقدم من الشركة الأخيرة يسهل تزويره، كما عول الحكم أيضاً على ما ورد بالمستندات أرقام ) 35 و39 و41 ( رغم ما أثاره الطاعن بشأنها أمام محكمة الموضوع من عدم صحتها. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب تمييزه.ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد حصل الواقعة بما مؤداه أن الطاعن يعمل مهندساً بقسم الصيانة بمؤسسة ....وأنه اشترك في إعداد وتقييم مشروع ) ديفامب ( الذي ستقوم بطرحه مؤسسة ...على الشركات لتنفيذه وأن الطاعن اقترح عرض المشروع في مناقصة محدودة استقرت على شركتين إحداهما الشركة الراشية وأن الطاعن اقترح زيادة قيمة المناقصة بنحو خمسة أضعاف ما كان مقدراً لها في البدء ثم رست المناقصة على الشركة الراشية بالقيمة المقترحة، وأن الطاعن أنشأ شركة مملوكة له بجزر الكاريبي ليس لها مقر كان يتم من خلالها تحويل المبالغ المتفق عليها للطاعن مقابل إفشائه الأسرار التي أؤتمن عليها وتسهيل رسو المناقصة على الشركة الراشية، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن- على النحو السالف إيراده- أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من المستندات المضبوطة ومن إقرار الطاعن أمام قاضي سماع الأقوال ومن أقوال المتهم الآخر في الدعوى ومن إقرار الشركة الثانية المنافسة في العطاء وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في أنه اشترك في إعداد وتقييم المشروع محل الدعوى وأنه اقترح زيادة قيمة المناقصة على نحو تمت الموافقة عليه ومن ثم فإن الركـن المـادي فـي جريمة الرشوة يتوافر في حقه حتى ولو اقتصر دوره على المشاركة في تحضير القرار أو إبداء رأي استشاري بصدده ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه- على ما يبين من مدوناته- قد اطمأن إلى المستند رقم ) 32 ( في الدعوى والذي عثر عليه بداخل جهاز الحاسوب الخاص بالطاعن والمتضمن رسالة موجهة إليه من الشركة الراشية بطلب معلومات سرية عن الشركة المجني عليها وقيامه من بعد بتلبية طلبها فإن ذلك كاف لإدانته بتهمة إفشاء الأسرار الموجهة إليه، وأنه من المقرر عدم وجود ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وأنه ليس على المحكمة أن تبرر اطراحها شهادة شهود النفي وأخذها بشهادة شهود الإثبات ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن الموضوعي وأطرحه بقوله: ) ) وبشأن أوجه الدفاع المثارة من المتهم بشأن انتفاء التهمة وعدم تحققها وتضارب الشهود واصطناع المستندات وعدم صحتها فإن ذلك هو مجرد إنكار منه ومحاولة لإثارة الشك في تلك الأدلة ولا يسع المحكمة إلا إطراحها اطمئناناً منها إلى صدق رواية الشهود المدعمة بالمستندات والتي تطمئن المحكمة إليها وتقتنع بها. ( ( لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع وهو على بينة من أمره فمن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.