جلسة 8 من أبريل سنة 2008
الطعن رقم 10 لسنة 2008 تمييز مدني
) 1-3 ( ملكية "من أسباب كسب الملكية: الالتصاق". "محكمة الموضوع" سلطتها في استخلاص حُسن النية أو سوئها".
) 1 ( إقامة المالك بناء على أرضه. تجاوزه بحسن نية إلى جزء صغير من ملك جاره. جواز إلزام الجار بالنزول عن ملكية هذا الجزء للباني مقابل تعويض عادل. م) 916 ( من القانون المدني. حُسن النية. افتراضها إلى أن يثبت العكس أو تتوافر أسباب تحول دون قيام هذا الافتراض.
) 2 ( حُسن النية في معنى المادة ) 916 ( مدني. مقصودها. اعتقاد الباني اعتقاداً جازماً أنه يبنى على أرضه ولا يجاوزها إلى أرض جاره. مقتضاه. أن يبذل كل جهد مألوف للتحقق من حدود أرضه ولم يخطئ في ذلك عن رعونة أو لا مبالاة أو تقصير. تخلف ذلك. أثره. اعتبار الباني سيء النية.
) 3 ( قاضي الموضوع. له السلطة التامة في استخلاص حُسن النية أو سوئها من مظانها في الدعوى وما يستشفه من ظروفها وملابساتها. شرطه. إقامة قضائه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
1- مؤدى نص المادة ) 916 ( من القانون المدني أنه إذا كان مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جاوزها بحسن نية إلى جزء صغير من أرض ملاصقة، جاز للمحكمة – إذا رأت محلاً لذلك – أن تجبر صاحب هذه الأرض على أن ينزل للباني عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل، وذلك استثناء من القواعد العامة التي لا تجيز نزع الملكية للمنفعة الخاصة وقواعد الالتصاق التي تقرر لصاحب الأرض الحق في أن يتملك البناء أو يطلب إزالته، وحسن النية أمر يفترض ما لم يقم الدليل العكسى أو تتوافر أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض.
2- المقصود بحسن النية في تطبيق نص المادة ) 916 ( من القانون المدني أن يعتقد الباني اعتقاداً جازماً ومبرراً أثناء البناء أنه يبنى على أرضه ولا يجاوزها إلى أرض جاره، وهو ما يقتضي أن يكون قد بدل كل ما هو مألوف من جهد للتحقق من حدود أرضه ولم يخطئ في ذلك عن رعونة أولا مبالاة أو تقصير، فإذا أفادت ظروف الدعوى وملابساتها أدنى شك في ذلك امتنع افتراض حسن النية ووجب اعتبار الباني سيء النية.
3- لئن كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص حسن النية أو سوئها من مظانها في الدعوى وبما يستشفه من ظروفها وملابساتها، إلا أن شرط ذلك أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ) ( بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بإزالة المباني التي أقامها على جزء من أرضه المبينة بالصحيفة، وقال شرحاً لدعواه إن المطعون ضده أقام بناء على أرض مملوكة له وملاصقة لأرضه مجاوزاً حدود الأرض التي يملكها إلى جزء من أرضه ومن ثم أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى والذي قدم تقريراً ضمنه أن المطعون ضده أقام بناء على أرضه وتجاوز بجزء منه حدود أرضه إلى الأرض المملوكة للطاعن بمساحة 1,70 متراً مربعاً. حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للمدعي مبلغ 20,000 ريال مقابل تملكه لقطعة الأرض التي جار عليها من أرض المدعي الملاصقة لأرضه والتي شكلها بالبناء الموضح بتقرير الخبير. استأنف الطاعن الحكم برقم 764/2006 طالباً إجابته إلى طلب الإزالة. وبتاريخ 28/11/2007 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز. وعرض الطعن على هذه المحكمة -في غرفة المشورة- فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده قد جاوز أثناء البناء الأرض التي يملكها إلى أرضه بسوء نية واستدل على صحة دفاعه بعدة شواهد منها أن أرضه محددة بعلامات حدودية ظاهرة بما يحول دون افتراض أن المطعون ضده قد تجاوز إليها بالبناء الذي يقيمة بحُسن نية، وأنه لم يستعن أثناء إقامة البناء بمهندس متخصص ليتحقق من أنه بنى على الأرض التي يملكها ولا يتجاوزها إلى الأرض الملاصقة لها وذلك على ما هو ثابت في محضر تحقيق إدارة أمن العاصمة، غير أن الحكم المطعون فيه أطلق القول بأن ما أقدم عليه المطعون ضده كان بحسن نية دون أن يرد على دفاعه المتقدم مما يعيبه بما يستوجب تمييزه.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مؤدى نص المادة ) 916 ( من القانون المدني أنه إذا كان مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جاوزها بحسن نية إلى جزء صغير من أرض ملاصقة، جاز للمحكمة – إذا رأت محلاً لذلك – أن تجبر صاحب هذه الأرض على أن ينزل للباني عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل وذلك استثناء من القواعد العامة التي لا تجيز نزع الملكية للمنفعة الخاصة وقواعد الالتصاق التي تقرر لصاحب الأرض الحق في أن يتملك البناء أو يطلب إزالته، وحسن النية أمر يفترض ما لم يقم الدليل العكسي أو تتوافر أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الافتراض، والمقصود بحسن النية في تطبيق هذا النص الاستثنائي أن يعتقد الباني اعتقاداً جازماً ومبرراً أثناء البناء أنه يبني على أرضه ولا يجاوزها إلى أرض جاره، وهو ما يقتضي أن يكون قد بدل كل ما هو مألوف من جهد للتحقق من حدود أرضه ولم يخطئ في ذلك عن رعونة أولا مبالاة أو تقصير، فإذا أفادت ظروف الدعوى وملابساتها أدنى شك في ذلك امتنع افتراض حسن النية ووجب اعتبار الباني سيء النية، وأنه ولئن كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص حُسن النية أو سوئها من مظانها في الدعوى وبما يستشفه من ظروفها وملابساتها، إلا أن شرط ذلك أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اجتزأ في الرد على دفاع الطاعن المبين بسبب النعي بالقول بأن المطعون ضده قد تجاوز بالبناء الذي يقيمه حدود أرضه إلى أرض الطاعن الملاصقة لأرضه بحسن نية دون أن يُعنى بالرد على دفاع الطاعن ويفنده والذي كان عماد استئنافه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة للتعرض لباقي أسباب الطعن.